Al Jazirah NewsPaper Tuesday  24/03/2009 G Issue 13326
الثلاثاء 27 ربيع الأول 1430   العدد  13326
استرعى انتباهي
شجون عهد المأسسة.. لإعلامنا المرئي والمسموع
د. عبدالله بن ناصر الحمود

 

هل فعلاً بدأنا خطوة الألف ميل نحو منتج إعلامي محترف منافس؟.. وهل يستطيع الوزير الجديد أن يحقق من تطلعات القيادة ما تريّث فيه غيره؟.. وهل نحن أمام مرحلة الاستشعار الأفضل للواجب الوظيفي الإعلامي المهني.. والأداء الأفضل لذلك الواجب؟..

ثم ماذا عسانا نجني من مأسسة إعلامنا المرئي والمسموع وخصخصته؟.

أسئلة كبرى تتطلب إجابات بالحجم ذاته، والمشكل في هذا الأمر أن القطع بأمر أي إجابة ليس متاحاً على الإطلاق. فأين الحقيقة؟.. وكيف السبيل إليها؟.. وكم هم الذين يستبشرون خيراً، وألئك الذين يعضون على أناملهم مما يظنون أن مأسسة الإعلام ستقود إليه؟.. نبارك لوزير الثقافة والإعلام هذه الثقة الملكية الغالية، ونبارك لقطاع الثقافة والإعلام عندنا أن دلف بابه، في هذه المرحلة، من هو أهل له بكل رصيده المعرفي والمنهجي، وبكل مخزونه الفكري والثقافي والإعلامي والسياسي. ونبارك لمجتمعنا أن قيادتنا تتحرى الأنسب والأفضل والأقدر في كل حال. ونشد أزر الدكتور خوجه في جرأته أن جعل من أولويات اهتمام وزارته هذا الإنجاز المهني الاحترافي المثير للجدل.. فشأن الثقافة والإعلام عندنا ذو شجون. ومسؤولياتهما جسام تنوء بها العصبة أولي القوة. ذلك أن معضلة مرحلة المأسسة ليست في كل ما يمكن قوله حول جملة من العقبات التنظيمية والمادية، أو في الرصيد المتراكم من الخبرات والمعارف التقليدية، التي قد لا تتسق مع المرحلة القادمة، ونحو ذلك مما هو، فعلاً، محط اهتمام كبير. إننا نحتاج، حتى نجني ثمار عهد المأسسة التي أطلق الوزير مرحلتها التنفيذية، أن يحقق إعلامنا القادم معادلات صعبة جداً، أهمها خمس:

الأولى: حفظ التوازن بين الفعل العقلي والتبني العاطفي لقضايا مجتمعنا السعودي.

الثانية: الحفاظ على مكتسبات المجتمع النبيلة، والتعبير عن واقعه المشرق، مع المساهمة الاحترافية الفاعلة في جهود نقله إلى مستقبل أكثر إشراقاً.

الثالثة: امتلاك قدرة تنافسية عالية جداً تراعي ليس فقط قيم ومبادئ المجتمع ولكن أيضاً أعراف وعادات وتقاليد أهله، في زمنٍ تسوده آلاف الوسائل الاحترافية للإعلام والاتصال المنعتقة من كثير من المبادئ والقيم والعادات والتقاليد.

الرابعة: استثمار وتطوير واستقطاب كفاءات بشرية محترفة ومنتمية وظيفياً، وتشغيلها وفق نظام وظيفي مهني متقدم، في ظل بيئة بيروقراطية تعيد من يتقاطع معها للمربع الأول أكثر من مرة.

الخامسة: تلك الغاية التي لا تُدرك أبداً وهي (رضا الناس).. لكنّ مصيبتنا معها أنها عند بعضنا لا تكتفي بعدم إدراك الآخر لها، بل تلاحقه حتى تكاد تهلكه حقيقة أو مجازاً.

تلك معادلات صعبة، لا أظنها تخفى على قيادة إعلامنا وثقافتنا المعاصرة، غير أنه قد يحسن أخذ فكّ رموزها بالحسبان، فليس الأمر مجرد تحويلٍ من أجهزة حكومية إلى منهجيات أخرى كما تم مع الاتصالات مثلاً. فالحسابات هنا مختلفة، وتداخلات مصالح الناس معها معقدّة جداً، والناظرون منهم لأهليتهم في التنظير والنقد والتقويم والتجريح كثيرون، فذلك لدى بعضنا حق مشروع، ووصاية أزلية محتكرة. ولكن ليس للأمور الجسام إلا رجالها. فلنتابع تطورات مرحلة التحوّل باهتمام، ولندعو لقبطان تلك العملية بالتوفيق والسداد، فما أجمل أن نصل ذلك اليوم الذي يقول فيه إعلامنا فيستمع الآخرون، ويعرض فيه إعلامنا فتقف عند محطاته مؤشرات (الريموت كنترول). ونخطط للبرامج والمواد الإعلامية فنثق في أن ولاء جمهورنا سيكون مع وسائلنا، ونحقق أهدافنا. وغاية الأمر، كم هو مبهج أن نكون متميزين.

نائب رئيس مجلس إدارة الجمعية السعودية للإعلام والاتصال


alhumoodmail@yahoo.com

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد