Al Jazirah NewsPaper Tuesday  24/03/2009 G Issue 13326
الثلاثاء 27 ربيع الأول 1430   العدد  13326
قضيّة أزلية
د. موسى بن عيسى العويس

 

* منذ أن هبط (آدم) على الأرض، والصراع قائم بين البشر. صراع معلن وآخر خفي، يبعثه اختلاف الأديان حيناً، والمصالح الأخرى حيناً آخر، وفي أتون هذا الصراع يدخل الخير والشر، والفضيلة والرذيلة محاور أساسية كبرى، يرتكز عليها الاختلاف، ينشأ عنها التناحر والتنافر.

ويكون فيها الاتفاق والتقارب كذلك. وأكبر دليل على ذلك أنه، وبالرغم من اتساع الفجوات بين هذه الأطياف، إلا أن مصادر التشريع - على اختلافها - أوجدت الكثير من عوامل الاتصال والتواصل بين البشر، سواء كان ذلك في باب التناسب والمصاهرات، أو في باب المعاملات، وكلها نوافذ للتقارب والمؤاخاة لكل من تأمل وتدبر، وجدَّ واجتهد في استنباط العلل، وبحث في الحِكم والأسباب. وكلما اتسعت ثقافة الإنسان وتجذرت في هذه القضايا تلاشت عنده الكثير من الأوجه السالبة التي تدور عند عامة الناس وخاصتهم أحياناً.

* هذه الحقيقة أثبتها التاريخ، وسجلتها مصادر التشريع في أكثر من موضع وموقف، علم بها من علم، وجهل بها من جهل، بل أكدت أنها من سنن الله الثابتة في الكون، والحياة، والإنسان، وربما كانت كذلك من أسباب عمارة الأرض، وإن تصورها البشر في مدركاتهم القريبة خلاف ذلك.

* هذا الصراع، وإن تفاوت في درجته أو ضراوته، فلا أحد يعتقد أن (الدين) وحده هو المحرك والموجه له في مختلف العصور، والرسالات السماوية التي تعاقبت. كما لا يندرج في هذا السياق أو تحت مصطلح (الصراع) ما يعرف بالولاء والبراء أو المحبة والكراهية بوصفها شعوراً داخلياً.

* في مثل هذه القضية تطرح دائماً أو تدور في الذهن تساؤلات عدة من بعض أتباع هذه الديانات والمذاهب: تُرى أيها أشد عداوة للآخر؟ هل المعاداة من المسلمين لغيرهم أشد أم من اليهود أم من النصارى؟ وهل هذه العداوة دينية محضة أو أن تأجيجها وتذكيتها بين الشعوب والأمم والحضارات يرتبط بمصالح قومية أخرى؟

* من المسلم به أن الصراع بين أتباع هذه الديانات لم يكن على وتيرة واحدة منذ نزولها على الرسل إلى أن ختمت بالرسالة المحمدية؛ فهي تختلف باختلاف البيئات. تؤجج في بعض الفترات وتخبو في فترات أخرى.

* في تاريخنا المعاصر وفي خضم أحداث كبرى دبّ الصراع من جديد بين قوميات دينية متعددة وأعراق مختلفة، وغابت أو غُيبت عن هذه الأجيال حقائق وغايات الأديان، وظلت تلك الأقطاب تخوض معارك شرسة وبدون هدف أحياناً. وفي ظل هذه الظروف أصبح العالم بأسره يتطلع إلى مَن ينقذ العالم من ويلات هذا الاختلاف، وشاء الله أن تكون (المملكة العربية السعودية) بقيادة (خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز) هي من التفت إلى القضية؛ فكانت المبادرة التاريخية التي تمثلت في الدعوة إلى (حوار الأديان)، واستقطب لهذه الملتقيات والمؤتمرات ثقافات وحضارات مختلفة. وكل ذلك أريد منه بطبيعة الحال أن تعود البشرية من جديد، لتتأمل في مصادر التشريع، وأن يبقى الباب مفتوحاً أمام الباحثين والدارسين والمفكرين للمقارنة، ومحاولة الوصول إلى الحقيقة. ا. هـ.



dr_alawees@hotmail.com

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد