بالرغم من أن العرب جميعاً وبالذات الدوائر السياسية كانت تأمل أن ينجز المفاوضون الفلسطينيون أعمالهم في القاهرة، ويبرموا اتفاقاً يرسخ المصالحة الفلسطينية ويجسد الوحدة الوطنية الفلسطينية.. إلا أن التأخير قليلاً من أجل الوصول إلى اتفاق قوي يستطيع الصمود أمام الأهواء الشخصية والسياسية ويمنع التدخلات الخارجية مطلوب الآن، ولذلك فأن من المفيد إعطاء الوقت الكافي للمتحاورين الذين يؤدون عملاً جاداً وإيجابياً في القاهرة وهم الذين يمثلون القيادات العليا التي تقود الفصائل الفلسطينية يُعد في صالح الشعب الفلسطيني، وأخذ الوقت لمعالجة كل الخلافات وبالتفاصيل التي يجري بحثها سيحصن أي اتفاق قادم ويسد كل ثغرات التجاوز والاختراق التي قد تسعى القوى الأجنبية للقيام بها توظيفًا للورقة الفلسطينية لصالح مصالح تلك القوى.
ولهذا فأن تأخير إبرام الاتفاق مع وجود نوايا وعزم صادق لبناء اتفاق وطني يأخذ في الاعتبار معالجة كل الأخطاء والممارسات التي أوصلت القضية الفلسطينية إلى الحالة الحرجة التي هي عليها الآن هو في صالح القضية.
الفلسطينيون والعرب جميعاً يعلمون أن المتحاورين في القاهرة يبحثون من خلال اللجان الخمس قضايا جداً مهمة، وقد توصلوا إلى مقاربات تقرب المحاورين من الاتفاق، فبالنسبة لنوعية الحكومة الفلسطينية القادمة، فهناك اتفاق بين شكلين لهذه الحكومة، فإما أن تكون حكومة توافق وطني، أو حكومة وحدة وطنية. أما لجنة الأمن فقد توصلت إلى اتفاق حول عقيدة الأجهزة الأمنية ومهامها وعدد منتسبيها، وهو إنجاز كبير إذا ما أبرم سينهي كثيراً من مشاكل الفلسطينيين ويعالج إشكالات الأمن الوقائي والقوة التنفيذية.
أما لجنة منظمة التحرير الفلسطينية، فقد توصلت إلى اتفاق على انتخاب مجلس وطني جديد... ولم يبقَ سوى التفاهم على آلية انتخاب المجلس الوطني وموعد الانتخابات... أما الأهم فيما أنجزته هذه اللجنة هو تشكيل لجنة قيادية لحين إجراء الانتخابات للمجلس الوطني.
أما سبب التأخر في إعلان الاتفاق النهائي للمصالحة الوطنية فيعود للحرص على إعلان الاتفاق كرزمة واحدة وأن يتم التطبيق بالتوازي والفوري، وبما أن هناك خلافاً يمكن معالجته بالنسبة لتشكيل الحكومة الفلسطينية... فإن معالجة هذه النقطة ستعجل بإبرام الاتفاق الذي بات جاهزاً والذي يعول عليه الفلسطينيون والعرب جميعاً بأنه سيعيد ترتيب البيت الفلسطيني من خلال حكومة فلسطينية واحدة، وبعقيدة سياسة ضمن مرجعية منظمة التحرير الفلسطينية وعقيدة أمنية واحدة.
****