من أجل أن ننعم بمجتمعات مستقرة لا بد أن ندرك أن الظواهر الاجتماعية لا يمكن فصل بعضها عن بعض، فهي متداخلة ومتشابكة إلى حد التعقيد، ولحل أي مشكلة إنسانية لا بد من دراستها من جميع الجوانب. وهنا يأتي دور مؤسسات البحث المتخصصة؛ حتى لا تترك هذه الظواهر عرضة للاجتهادات الشخصية والحلول السريعة!.
فالإرهاب على سبيل المثال، ليس ظاهرة أمنية فحسب، وإنما هي مرتبطة بالفكر، والجهل، والفقر، والصحة النفسية، وغيرها مما قد يلعب دورا في انتشار أو انحسار هذه الظاهرة في مجتمع من المجتمعات.
وهذا ما يسميه بعض الخبراء تجفيف منابع الإرهاب، ليس أمنيا فحسب، وإن كان ذلك في غاية الأهمية، ولكن أيضا اقتلاع جذور الإرهاب الفكرية والنفسية والمادية وما إلى ذلك، وهذا يستحيل تنفيذه بنجاح دون الاعتماد على الدراسات العلمية الموثوق بها والتي تقوم بها مؤسسات البحث المتخصصة.
ما حكينا عنه بخصوص الإرهاب، إنما هو نموذج للتدليل على ضرورة معالجة أية ظاهرة اجتماعية معالجة شمولية، تأخذ بعين الاعتبار مختلف الظواهر الأخرى.
ولو استعرضنا ظاهرة الأمية في العالم العربي في مثال آخر، لوجدنا أنها ظاهرة خطيرة ومنتشرة في أرجاء الوطن العربي، بل إن نصف النساء العربيات أميات، و30% من الرجال العرب أميون!.
ولوضع حلول لهذه المشكلة الكبيرة، لا يمكن فقط بناء مدارس محو الأمية، دون التعرف على أسباب وجود هذه الظاهرة، والتي قد تتعلق بالظروف الاقتصادية والأعراف والتقاليد، وربما ترتبط أيضا بالحالة الأمنية والظروف السياسية غير المستقرة التي تشهدها بعض البلاد العربية.
ولمعرفة هذه الأسباب لا يمكن الاكتفاء بالأرقام، وتكليف مؤسسة بعينها بوضع الحلول، ولكن لابد من إشراك المؤسسات البحثية والفكرية في دراسة ظاهرة الأمية دراسة وافية وكافية وتقديم التوصيات التي تقبل التنفيذ من قبل الحكومات.
وهذه الطريقة في معالجة الظواهر الخطيرة، والمقلقة هي الطريقة العلمية والصحيحة نحو مجتمعات عربية تنعم بالرفاهية والاستقرار كغيرها من مجتمعات العالم التي سبقتنا إلى الاستفادة من الدراسات والبحوث العلمية التي تتناول الظواهر والمشكلات الاجتماعية!.