لم تكن التعديلات الوزارية الصادرة مؤخراً وليدة ظواهر التغيير من أجل التغيير، ولم تكن بالطبع مجرد استبدال أسماء بأخرى أو إحلال لمجرد الإحلال، ذلك أن التشكيل جاء منسجماً والمرحلة التي تعيشها المملكة العربية السعودية في إطار خطط استراتيجية مترابطة وطموحة وازنت بين المتاح والمأمول.
ولعل المتابع للتشكيل الجديد قد أدرك بما لا يدع مجالاً للشك حجم الجهد المبذول في سبيل استمرارية عجلة الإصلاحات الشاملة لمواكبة العصر في زمن لا ينتظر متأخرين مع العمل الجاد والصادق لعدم المساس بالمبادئ الأساسية انطلاقاً من عدم تعارض التطور الحضاري بالأسس الثابتة التي قام عليها هذا الوطن الطاهر.
لا شك أننا أمام منعطف حضاري هام ونقلة نوعية متميزة بدّدت المخاوف، مثلما بدَّدت غيمة الشكوك لتثمر عملاً خلاقاً يواكب المرحلة ويجوِّد المخرجات المنتظرة؛ خاصة ما يتعلق بالخدمات الأساسية، وعلى رأسها العدل التعليم والصحة والإعلام، لقد كان وقع التشكيل بالغ الأهمية لدى كل متابع حصيف، فالواقع القضائي خطف الأنظار في ظل هنات كانت تعتريه إلى وقت قريب جلها مدعوم باجتهادات شخصية محفوفة بصدق النوايا، لولا غياب التنظيم الدقيق الذي جاء مؤخراً ليرسخ مبادئ العدل ويؤكد اهتمام ولاة الأمر، وعلى رأسهم خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين بالعدالة ونبذ الظلم وتخفيف وطأة الإجراء الممل بعيداً عن دهاليز الغيبيات، ومن هنا تم اختيار الأكفاء من المختصين لتحقيق أعلى معدلات التميز في أداء أجهزة ذات أهمية بالغة لدى عامة الناس.
لم يكن هذا التشكيل مفاجئاً للمتابعين؛ فالمملكة العربية السعودية انتهجت منذ عهد المؤسس الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود (طيب الله ثراه) أسلوب العمل الجاد الهادئ الصامت المتدرج لمواكبة العصر بعيداً عن التسرع وافتعال الضجيح؛ لهذا جاءت كافة القرارات في وقتها الصحيح متوازنة حكيمة متفاعلة، والمرحلة في إطار خطط استراتيجية مبنية على دراسات متأنية وستثبت الأيام القادمة -دون شك- أهمية القرارات خاصة ما يتعلق بالقضاء الشأن الأكثر أهمية وحيوية وحاجة لتلبية رغبات الكل دون استثناء؛ حيث تم هذا بالطبع في أعقاب صدور قرارات جريئة سابقة لتطوير أداء هذا الجهاز الهام بما يواكب التطلعات والمرحلة ويحقق الأهداف في إطار عمل إداري تكاملي يمكن اعتباره على رأس استحقاقات العصر الجديد.
لعلنا لا نغفل الخطوة الموفقة التي أتت بسيدة إلى سدة العمل الوزاري كنائبة لوزير التربية والتعليم فيما يختص وبنات جنسها، وتلك من الخطوات التصحيحية الرائدة في وطن انتهج التطوير وسلك دروب التحسين فأصبح ملفتاً للأعناق في غضون سنوات قصيرة من عمر الزمن.
* مدير إدارة الثقافة والتعليم للقوات المسلحة