إن قلوبنا في المملكة العربية السعودية على الدوام، وخاصة في هذه الأيام، مفعة بالمحبة والمودة والاحترام والتقدير، والاعتزاز والافتخار بقيادتنا، وإن مشاعرنا تعجز عن وصفها الكلمات، ولا نملك في هذا المقام إلا أن يقول لسان حالنا: إن الله -سبحانه وتعالى- قد استجاب دعاء المسلمين، وهم يرددون (اللهم ولّي علينا خيارنا)، فقد اختصنا ربنا -جل وعلا- بقيادة حكيمة، واعية رشيدة، نذرت نفسها ووقتها وجهدها في سبيل خدمة وطنها ومواطنيها.
وتجسيداً لهذه المعاني السامية، والصفات النبيلة، والمزايا الحميدة، فقد جعل الله -سبحانه وتعالى- التوفيق حليف هذه القيادة في اختيار الكفاءات القادرة على خدمة الوطن والمواطن، ووضع الرجل المناسب في المكان المناسب، والزمان المناسب.
وقد كان هذا دأبها منذ تأسيس هذا الكيان العظيم على يد البطل الموحد، الرائد المجدد، الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل آل سعود -طيب الله ثراه- حتى عهدنا الزاهر عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز وسمو ولي عهده صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز -يحفظهما الله-.
وما المراسيم الملكية الكريمة التي أصدرها قائد المسيرة -يحفظه الله- مؤخراً إلا دليل أكيد على صدق هذه المقولة، فقد اصطفى نخبة من أفضل العلماء والخبراء في بلادنا الحبيبة ليقودوا دفة العمل في المجالات العلمية والتعليمية والصحية والقضائية والإدارية والشورية وغيرها.
وبحكم تخصصي، فسوف أستشهد بمجالين فقط: الأول: مجال التربية والتعليم، فوزارة التربية والتعليم تستقبل هذه الأيام وزيرها الجديد صاحب السمو الأمير فيصل بن عبدالله بن محمد آل سعود وهو يأتي إلى الوزارة بسيرة عطرة حافلة بالمؤهلات والخبرات والنشاطات والإنجازات، ويحمل معه فكراً تربوياً أصيلاً، وقيماً نبيلة، ومعاني سامية، ومبادئ عظيمة، وأفكاراً نيرة، ورؤى واضحة، وتطلعات كبيرة، ويصاحبه فريق علمي تم انتقاؤه بعناية تامة، فهو يضم صفوة من الرجال والنساء الذين يحملون أعلى الشهادات، ويمتلكون أفضل الخبرات التي تمثل خلاصة التجارب في صروح علمية شامخة في سماء بلادنا الحبيبة تميزت بأدائها، وتفردت بعطائها، وهي مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني، ومؤسسة الملك عبدالعزيز ورجاله للموهبة والإبداع، ومعهد الإدارة العامة.
ولا شك أن اختيار المليك لهذه النخبة المتميزة يدل دلالة أكيدة على مدى اهتمامه بالتعليم باعتباره الركيزة الأساسية التي تقوم عليها جميع العمليات التطويرية والإصلاحية.
أما المجال الثاني فهو مجال الإعاقة والمعوقين، حيث أثلج صدورنا، وأفرح قلوبنا، وأسعد نفوسنا، وأبهج خواطرنا نبأ تعيين أخينا الكريم، وصديقنا الحبيب، وزميلنا العزيز الدكتور مازن فؤاد الخياط عضواً بمجلس الشورى، هذا الإنسان الذي لم تحل إعاقته الحركية دون حصوله على أعلى الشهادات الطبية، واختياره لهذه المهمة يعد لفتة كريمة تؤكد مدى حرص قيادتنا، ليس فقط على تمثيل جميع شرائح المجتمع في هذا المجلس الموقر، وإنما الاستفادة القصوى من الكفاءات المتميزة على اختلاف إمكاناتها وقدراتها، وبحكم معرفتي للزميل الدكتور الخياط من خلال عملنا معاً في مجلس أمناء مركز الأمير سلمان لأبحاث الإعاقة عدة سنوات أستطيع أن أجزم أنه سيكون -إن شاء الله- إضافة جيدة لمجلس الشورى.
وفي أجواء الفرحة الغامرة، والأحاسيس الجياشة، والمشاعر الفياضة التي تعيشها بلادنا هذه الأيام، فإننا نحن المعوقين، وأولياء أمورهم، والعاملين معهم نلتمس إلى مقام خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز ملك الإنسانية، رجل المهمات، صاحب المبادرات، صانع الإنجازات، قائد الإصلاحات على كافة المستويات أن يتفضل بإصدار أمر ملكي كريم يقضي بتشكيل المجلس الأعلى لشؤون المعوقين الذي طالما انتظرناه بشغف، إذ تعول كافة شرائح المجتمع على هذا المجلس بصفته معنياً برسم السياسة العامة في مجال الإعاقة، وتدبير شؤون المعوقين، وتوحيد الجهود وتكثيفها في مجالات الإعاقة المختلفة، وتفعيل نظام رعاية المعوقين في المملكة الصادر في سنة 1421هـ، وإعداد اللوائح الداخلية لهذا النظام في المجالات التأهيلية والصحية والتعليمية والاجتماعية والتوظيفية والرياضية والترفيهية، إلخ، الأمر الذي سيعمل -بإذن الله تعالى- على إيجاد بيئة تمكن المعوقين من أن يتحولوا من فئات مستهلكة إلى فئات منتجة، وهذا ولا شك سوف يسهم في الارتقاء بمستوى الحياة الاجتماعية في بلادنا الحبيبة.
وفي الختام أدعو الله -سبحانه وتعالى- أن يحفظ بلادنا، وأن يحفظ عليها أمنها واستقرارها، وأن يحفظ لها قيادتها الحكيمة كي تواصل مسيرة الخير والعطاء والنماء.
* مستشار التعليم بوزارة التربية والتعليم