هاجمني جيش الرخوم ذات إنفلونزا.. أمسكني الفراشي وأنا التي لا أطيق الفراش ولا حزت النوم.. وشعرت أن الحرارة تصيبني بالبرودة والقشعريرة والألم ويكاد صدري يكون ضيقاً حرجاً كأنما يصعد في السماء.. تسخر مني صويحباتي بأن هذه (صخنة الرخوم) وما علمت يوماً أنني (رخمة) ولكن مع المرض تفوح رائحة الحزن وتستيقظ داخلي مشاعر الوحدة والأسى وأننا نحتاج في حياتنا لمن يكونون قادرين على تبليل ردائنا حينما تهاجمنا الحمى هكذا يجب أن تعرف صويحباتي.. أن (صخنة الرخوم) قادرة على أن توقظ في وجداني مشاعر غريبة لا أجد لها إلا تفسيراً واحداً لطالما كان يؤرقني.. ما أحببت الوحدة يوماً ولا شعرت بزفير التعب يثقب رئتي ويلج في أعضاء جسدي إلا لأن (الرخوم) أولئك في نظري جيش كان يملأ حياتي ثم تقهقر مولياً الدبر ليترك آثار هزيمته على خريطة الزمن الذي أشبعني تعباً وأشبعني هروباً.. فرق كبير أن تتفوه بالآه لتجد من يقاسمك ألمها ويشعر مع كل سعلة تخرج منك أن رئته قوة مساندة تعلن الطوارئ وتبذل الجهد.. وفرق آخر يجعل صدى الآه يعود إليك صفعة قوية من صفعات الزمن.. ولا أدري هل هذا ما يسمونه المستحيل أم أنه شيء من القهر.. ثم تتكدس في ذاتك وأنت طريح الفراش كل فنون العتاب التي تعلمتها التي اخترعتها.. لماذا الأحبة لا يسكنون جسدي مثلما يسكنون قلبي فيعرفوا أن المرض يأخذ مني راحتي وقوتي وعتادي.. لماذا لا يقفون على رأسي لتحلِّق أرواحهم في سمائي وتقتل فيروس الرخوم.. لماذا لا يدركون أنهم أقوى مضاد حيوي يمكنه أن ينقذ جسدي من هذا الصفير.. وحينما نعلن عن هذه المشاعر تتهمني (فوزية الدريع) بأن هذا نوع من ابتزاز المشاعر.. وهل يمكن أن يبتز شخص شيئاً يملكه.. فليكن.. لماذا أقفلتم على هذه المشاعر وجعلتموها حبيسة صدوركم لتجعلونا نشرع في الابتزاز.. من المسؤول عن ميلاد المشاعر السلبية والمخالفة للفطرة أولئك الذين يتصرفون خلف أسوار قلوبهم.. أم نحن ضحايا ردود الفعل التي تخلق الفعل ثم توبخه.. ما الذي يضر هؤلاء البشر حينما يجعلون عواطفهم رهن الفعل والفاعل والمفعول به ولا يتركونها مجرورة على وجهها لا تدري ما تلوي إليه؟
أيها الأحبة.. افتحوا قلوبكم على مصاريعها.. وتفننوا في التعبير عن هذه المشاعر فسوف ترحل ولن يبقى إلا ما يرفرف في الجسد حتى آخر رمق.. أتخيل فوزية الدريع تقول لي: ابدئي بنفسك أولاً وشرِّعي لأحبتك نوافذ قلبك وأخبريهم أنهم يتوسطون دورتك الدموية ويضخهم القلب في الأوردة وأنهم أكسجين الحياة.. نعم هذا ما رغبت أن أقوله.. إن ثقافة التعبير عن المشاعر ثقافة لا يجيدها الجميع فنحن مع الأسف ضحايا تربية خاطئة جُبلت على علامات الخطأ.. والعيب.. وغيرها من المصطلحات التي جعلت مشاعرنا تتضخم وتصيبنا بالمرض.. لا الأم قادرة على أن تحضن ابنها الكبير.. ولا الأب يمكنه أن يأخذ ابنته على صدره وكل مشاعرنا الفطرية تخاف أن تخرج من جحورها لئلا يظنون بنا ظن السوء.. هذا هو دورك يا فوزية الدريع وغيرك من المتخصصين.. ساعدوا الآخرين أن يتعلموا أبجديات المشاعر وكيف يعبّرون عنها دون قيود هذه الأمانة التي تحملونها فلا تكونوا ظلوماً جهولاً!!!
عنيزة