بالنتائج التي أفرزتها الانتخابات الإسرائيلية البرلمانية الأخيرة، التي ستقود إلى حكومة ستضم أكثر الساسة الإسرائيليين تشدداً وكرهاً للفلسطينيين، لم يُعد مقبولاً السكوت على الوضع الفلسطيني الحالي الذي يشهد تمزقاً وتباعداً في المواقف السياسية بين كتلتين، إحداهما تقوده حركة فتح والتي تمثل السلطة الوطنية الفلسطينية التي تدير الحكم المحلي في الضفة الغربية والتي ينضوي تحت لوائها ويتعامل معها الأحزاب والفصائل الفلسطينية التي تعمل تحت مظلة منظمة التحرير الفلسطينية، وكتلة أخرى تقودها حركة حماس التي تشكل الحكومة الفلسطينية السابقة (التي أقالها) الرئيس الفلسطيني محمود عباس إلا أنها تدير الحكم في قطاع غزة وتفرض سيطرتها على محافظات القطاع من خلال تشكيلاتها الأمنية وأجهزتها الإدارية، وتتحالف معها حركات تؤمن بنهجها (المقاوم) كحركة الجهاد والجبهة الديمقراطية (القيادة العامة التي يقودها أحمد جبريل) والفصائل الفلسطينية التي تتخذ من دمشق مقراً لمقراتها وإقامة لأمنائها العامين.
التنافر والتباعد بين هاتين الكتلتين وحلفائهم لم تعد مقصورة على الخلافات السياسية والاجتهادات الفكرية والأيدلوجية، بل انحدرت إلى وضع خطير وخطير جداً، فبعد استيلاء حركة حماس على قطاع غزة وطرد أنصار حركة فتح وقادتها السياسيين وعناصرها الأمنية، أخذت كلا الكتلتين وخاصة حركتي حماس وفتح تلجأ للسلاح والاقتتال لحل خلافاتهم واختلافاتهم، إذ شهدت محافظات غزة مواجهات مسلحة بين الفلسطينيين من كلا المعسكرين سقط فيها العديد من القتلى وخاصة من أنصار حركة فتح الذين يتهمون حركة حماس بتصفية الفتحاويين في غزة، وهو ما يهدد بتفجر ردة فعل غاضبة من الفتحاويين الذين يمسكون بزمام السلطة في الضفة الغربية خاصة بعد تزايد أقوال وتصريحات قادة حركة فتح والمتحالفين معها والتي تتحدث عن عمليات (إعدام) ينفذها الحمساويون في غزة.
هذا الانحدار الخطير والتوجه الذي تسير إليه العلاقات الفلسطينية -الفلسطينية، شيء خطير ومأسوي، وإذا كان أشقاء الفلسطينيين العرب والمسلمون قد أحجموا من (الضغط) لوقف هذا الانحدار الذي تتجه إليه العلاقات الفلسطينية - الفلسطينية، حتى لا يتدخلوا في الشؤون الداخلية الفلسطينية. وهذا كان قبل المتغير السلبي الذي أوجدته الانتخابات البرلمانية الإسرائيلية التي ستفرز حكومة إسرائيلية هدفها المعلن تصفية القضية الفلسطينية.. وإبادة الفلسطينيين مثلما يعلن (الرقم المرجح) ليبرمان الذي لابد منه لتشكيل الحكومة الإسرائيلية.. والذي يطلب ضرب الفلسطينيين في غزة بقنابل ذرية محدودة كالتي استعملها الأمريكيون ضد اليابان.
هذا المصير المظلم الذي ينتظره الفلسطينيون من الحكومة الإسرائيلية المقبلة تتطلب تدخلاً عربياً لإنهاء الشقاق والاقتتال الفلسطيني.. قبل أن تحل الكارثة.
***