على الرغم من أن بيان وزارة الداخلية الجديد بين وجود معلومات لدى أجهزة الأمن - غير مؤكدة - عن رصد بعض عناصر قائمة ال (85) في بعض الدول، وأنها تتغير باستمرار. إلا أن بعض المراقبين توقعوا احتمالية وجود بعضهم في إيران والعراق وسوريا ولبنان واليمن وباكستان وأفغانستان....
....بل ذهب - الكاتب - فارس بن حزام إلى أن التواصل بين عناصر قائمة المطلوبين ال (85) في دول تواجدهم قائم ومنظم، ويتم برعاية وتسهيلات أطراف خارجية (غير مباشرة) بطريقة أو بأخرى، دون علمهم بمصدر هذه الرعاية.
ما ذكر أعلاه يعد سببا رئيسيا، وهو من الأسباب الخارجية المهمة ولا شك.
فمثل هذا الدعم كان ولا شك من أهم مصادر وبؤر التوتر، وعدم استقرار المنطقة إقليما ودوليا، مما أوجد تطرفا دينيا وطائفيا ومذهبيا.
فتحول الخطاب في بداياته من التعصب إلى حالة من التطرف، مما ساعد على انتشار الإرهاب.
وعكس مرآة حقيقية لتداخل وتشابك مصالح ونفوذ عديدة القوى والمؤثرة على مجريات الساحة.
ومن الأسباب الخارجية أيضا، وهي التي تسببت في إثارة تلك الظاهرة المعقدة التي تمثل أكبر تحد تواجهه المجتمعات، والتي لا يمكن تفسيرها بسبب واحد.
تلك المتمثلة في سياسات الغرب وعلى رأسها أمريكا، حتى تستفيد من نتائجها.
ومن ذلك: أحداث الحادي عشر من سبتمبر، فلو لم يكن للموساد والمخابرات الأمريكية دور لما تمكن مجموعة من الشباب هدم البرجين، هذا على فرض صحة هذا التحليل.
وإلا فإن - بعض المحللين الفرنسيين - أكدوا أن الموساد والمخابرات الأمريكية هي من قامت بهذا العمل.
فطبيعة السياسات الأمريكية في المنطقة ومن لف لفها هي التي صنعت الإرهاب المضاد، حتى يكون مبررا لتنفيذ خططها في بلاد المسلمين كما أسلفت، فاحتلت أفغانستان ومن ثم احتلت العراق.
أيضا، ازدواجية المعايير والتأييد غير المحدود لإسرائيل ضد الشعب الفلسطيني، وما تفعله إسرائيل في حق هذا الشعب من جرائم بشعة يندى لها جبين الإنسانية.
بل هي من دعمت إسرائيل فأصبحت قوة عسكرية وسياسية واقتصادية، فكانت تلك الممارسات أرضية خصبة لمعاداة السياسة الأمريكية في المنطقة.
ومن ذلك أيضا: التدخل غير المشروع في الشؤون الداخلية للدول العربية والإسلامية.
وهو ما أكده سمو الأمير نايف بن عبدالعزيز- وزير الداخلية السعودي - خلال تكريمه للمشاركين في الدورة الحادية والأربعين، للمؤتمر العام لمجلس اتحاد الجامعات العربية، حين قال: (إن ما تمر به المنطقة العربية من اضطرابات هي من صنع الآخرين، وليس من صنع العرب).
بل إن مجلة (واشنطن كوارتلي) نشرت مؤخرا دراسة، بعنوان: (ما بعد العراق، مستقبل التواجد العسكري الأمريكي في الشرق الأوسط)، يخلص فيه الباحث (برادلي بومان) إلى نتيجة، وهي: (أن التواجد العسكري الأمريكي في الشرق الأوسط تسبب سابقا في تفجير الإرهاب، ويساعد حاليا على انتشاره).
أما الأسباب الداخلية: فإن العامل المادي وهو الفقر، وتفاوت المستويات الاجتماعية بين شرائح المجتمع، يعد عاملا مهما في بروز ظاهرة الإرهاب، لأن الأقاليم الأشد فقرا تكون مرتعا خصبا، وتفريخا مهما للإرهابيين، وحاضنا لهم.
وفي ظني أن المواجهتين الأمنية والفكرية وحدهما لا تكفي، بل لابد من المواجهة الاجتماعية والاقتصادية مع ما سبق، وأن تطرح كل القضايا بشجاعة وصراحة، والتي يمكن أن يكون لها تأثير في أسباب استفحال ظاهرة الإرهاب، ومن ذلك: الفقر والبطالة.
إلى غير ذلك من القضايا التي يمكن أن تكون لها علاقة مباشرة، أو غير مباشرة ببروز ظاهرة الإرهاب، كالفساد وغياب الحريات.
كما أن اعتماد هؤلاء الشباب على كتب لا يعرف منهجية مؤلفيها، وليس لهم باع في العلم، فانحرفت بهم تلك الكتب إلى تبني آراء فاسدة ومقولات شاذة وفتاوى جانحة أدت بهم إلى مزيد من العنف.
وبعد: فلك أخي القارئ أن تختلف مع هذه القراءة، أو توافق عليها.
إلا أننا نتفق في نهاية المطاف على أهمية الوعي بخطر الإرهاب، فنحن شركاء في ذلك.
drsasq@gmail.com