عرض مجلس الوزراء في جلسة الأسبوع الماضي للمناسبة التاريخية لتدشين عدد من المشروعات الاستراتيجية بجامعة الملك سعود، وأشار المجلس إلى أن ذلك يجسد (تكريساً لمسيرة التعليم والعلم والتقنية والإبداع في المملكة.. ......
.....بما يخدم تنمية المجتمع وقدراته التنافسية ومستقبل اقتصاده).. وتأتي هذه اللفتة الرسمية المهمة في إطار تشرف جامعة الملك سعود بحضور خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز وتدشينه - حفظه الله - أهم مشروعات استراتيجية في التعليم العالي خلال المرحلة الحالية التي تشهد قفزات كبرى في التعليم العالي على كل الصعد وفي كل المناطق.
يوم الأحد الماضي كان ضيف الجامعة هو عبد الله بن عبد العزيز الرجل الذي نتطلع دائماً إلى لقائه والاستماع إليه والاسترشاد بتوجيهاته السديدة والمخلصة لكل ما يخدم الوطن والمواطن.. الحدث بطبيعة الحال تاريخي لكونه يمثل نقلة نوعية في المشروعات الإنشائية في الجامعة، فهو يمثل إلى جانب عدد من مشروعات أخرى ثلاث مدن كبيرة تضاف إلى المدينة الجامعية الحالية:
1 - المدينة الجامعية للبنات، وستصل الطاقة الاستيعابية فيها إلى أكثر من ثلاثين ألف طالبة.. وستعد هذه المدينة نقلة نوعية في المكان والإمكانات لتعليم الطالبات بالجامعة، حيث إن مركزي عليشة والملز لا يستوعبان الاعداد الطلابية في الجامعة، وعدم تهيئة المباني الحالية للعملية التعليمية بالشكل المطلوب، إضافة إلى أن تباعدهما لا يبني تعاوناً أو تنسيقاً بين الأقسام الأكاديمية للطالبات، وستهيئ المدينة مكاناً نموذجياً لتعليم الطالبات بالجامعة.
2 - وادي الرياض للتقنية، وهو مشروع مدينة علمية وليس فقط حديقة علمية تصبح مدينة علوم وتقنية على مستوى عالمي، وبمشاركة شركات ومؤسسات وطنية ودولية.. وستكون هذه المدينة ثمرة استثمار العقول والمال، وما سيفرزه من نتائج بحوث تطبيقية تنعكس على الصناعة والمعرفة والاقتصاد الوطني.
3 - مدينة الأوقاف، وهي مدينة من الإنشاءات المعمارية الكبيرة عبارة عن مجموعة من الأبراج التي تبرع بها وساهم فيها عدد من رجال الأعمال الخيرين، لتصبح هي نواة لأوقاف الجامعة، وتصبح هي من المصادر الرئيسية لتمويل برامج التنمية والتطوير والبحث في الجامعة.. ويكفي الإشارة إلى أن أحد أبراجها الذي سمي باسم برج الملك عبد الله يصل ارتفاعه إلى 47 طابقاً.. أي أنه سيكون ثالث أعلى المباني ارتفاعاً في المملكة.. وإذا اكتمل مشروع الأوقاف بالجامعة خلال السنوات القادمة حسب المخطط له، فسيكون لدى الجامعة مجموعة من الأوقاف التي ربما تصل إلى نحو 25 مليار دولار..
أسوة بكبرى جامعات العالم.. وعلى الرغم من صعوبة الوصول إلى هذا الرقم إلا أنه ليس مستحيلاً ويمكن أن تشارك الدولة فيه بدعم سخي يحفز رجال الأعمال ومؤسسات المجتمع..
وفي هذا السياق يمكن الإشارة إلى أن جامعة هارفارد وهي تمتلك أكبر قيمة وقفية في العالم تصل قيمة أوقافها إلى حوالي ثلاثين مليار دولار.. وتليها جامعات ييل وستنانفورد وتكساس وبرنستون وإم أي تي.. ونتطلع فعلاً إلى رفع قيمة أوقاف جامعة الملك سعود إلى مستويات عالية، حتى تتمكن من مواصلة مشوار الريادة العالمية الذي وضعته لنفسها.
هذه المشروعات الاستراتيجية، تبدو في ظاهرها إنشائية وهي في بالغ الأهمية ولكنها في المحصلة النهائية تجسيد للبرامج التطويرية الأكاديمية في الجامعة، وستنقل الجامعة إلى مستويات ريادية على صعيد البنية التجهيزية في الجامعة، بحيث تكتمل في منظومة متكاملة من المدن والكليات والإدارات وما تحتويه من تجهيزات إدارية وفنية.
وأخيراً، فإن هذه المشروعات جاءت في ظل التقدم الكبير الذي أحرزته الجامعة خلال العامين الماضيين، فقد تصدرت التصنيفات العالمية في أكثر من منطقة (العربية والإسلامية والإفريقية والشرق أوسطية)، ودخلت عالمياً مع أفضل ثلاثمائة جامعة.. كما سجلت لها حضوراً دولياً مهما من خلال التحالفات مع جامعات ومؤسسات دولية عريقة.. ويعلم الجميع أن معالي الدكتور عبد الله العثمان هو الذي أسس مفهوم هذه البرامج التطويرية وشجع عليها ودعمها حتى وصلت الجامعة إلى ما وصلت إليه اليوم.
وعلى خلفية هذا التطور - لاشك - جاء اهتمام الدولة ممثلة في حكومة خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين في دعم مؤسسات التعليم العالي في بلادنا..
وقد بذلت وزارة التعليم العالي برئاسة معالي وزيرها الدكتور خالد العنقري جهوداً جبارة لتحقيق مثل هذه النجاحات ليس فقط لجامعة الملك سعود، ولكن لباقي الجامعات السعودية الأخرى.. ومن الملاحظ أن الجامعات الأخرى مثل جامعة الملك فهد وجامعة الملك عبد العزيز وجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سجلت تقدماً كبيراً على مستوى تصنيفاتها وعلى مستوى برامجها التطويرية.. وهذا ما نتطلع إليه في أن يكون التعليم العالي في المملكة العربية السعودية على مستوى متميز، يحسب لبلادنا ويؤسس لمرحلة نوعية جديدة.
المشرف على كرسي صحيفة الجزيرة للصحافة الدولية
أستاذ الإعلام المشارك بجامعة الملك سعود
alkarni@ksu.edu.sa