Al Jazirah NewsPaper Saturday  14/02/2009 G Issue 13288
السبت 19 صفر 1430   العدد  13288
بين الكلمات نقل المعرفة.. هو التحدي المنتظر
عبد العزيز السماري

 

لا يمكن بأي حال تجاوز انطلاقة مسيرة المعرفة والتعليم الحالية، والتي بدأت باهتمام وبمتابعة غير عادية من خادم الحرمين الشريفين - حفظه الله - فما يحدث الآن من انتشار لمراكز التعليم العالي في مختلف أنحاء المملكة ستكون نتائجه بإذن الله مؤثرة في مسيرة التنمية والوعي عند الأجيال القادمة، وستكون آثاره حديث المستقبل إذا استمرت الجهود في تنفيذه بمستويات عالية، والتاريخ علمنا أن المستقبل فقط للذين يستطيعون تجاوز تحدياتهم البيئية والاجتماعية والسياسية، وقد كان محو الأمية التحدي الأهم في مرحلة مضت، لتأتي المرحلة الأهم وهي محو آثار التخلف على العقول ثم إعادة إنتاج الوعي كأعظم التحديات التي تواجهها هذه البلاد منذ تأسيسها..

والتحديات تختلف من بلاد إلى أخرى، وتختلف باختلاف المرحلة الحضارية، ففي اليابان كان فقر المواد الأولية هو التحدي لكنهم تفوقوا على ذلك بالاستثمار في الموارد البشرية، والتي استطاعت تعويض فقر المواد الخام، وبناء حضارة إنسانية في مقدمة دول العالم اقتصاديا وعلمياً.. والتحدي الذي واجهته الولايات المتحدة الأمريكية كان في قدرتها على تجاوز الحروب الأهلية ومجتمع السادة وطبقة العبيد، والذي خرجت منه إلى مرحلة ولايات متحدة يحكمها دستور وديمقراطية جعلت منها أعظم قوة في التاريخ الحديث..

كذلك كان التحدي الذي واجهته أوروبا في قدرتها على الخروج من تاريخ العداوات التاريخية والصراعات الدموية والحروب العالمية التي قضت على عشرات الملايين في بداية القرن الماضي، لكنها برغم من ذلك اتحدت من جديد تحت ولاية سوق أوروبية مشتركة، ونظام اقتصادي يجعل من مصالحها العليا في المقدمة..

أما الهند فقد استطاعت تهزم الفقر والجوع والتخلف والطبقية، وأن تثبت للعالم أن الوصول إلى مجتمع تحكمه الديمقراطية ليس بمعجزة في بلاد يتجاوز عدد سكانها المليار نسمة، وتتعدد فيه الإثنيات واللغات والأديان، ولم يتوقف الأمر عند ذلك إذ خرجت الهند بعد تجربتها السياسية الناجحة إلى دولة اقتصادية كبرى.. في حين تتراجع جارتها باكستان أمام تحدياتها التاريخية والتي من أهمها الأمية والفساد الإداري والتطرف الديني والقبلية..

الكل يتحدث عن التحدي الجديد الذي تواجهه المملكة، وهو محو الأمية في ثوبها الجديد، فنحن لا زلنا مجتمعاً غير منتج للعلم، وعاجز عن التفكير من خلاله عندما نبحث عن حلول للأزمات التي يواجهها المجتمع، لذلك لا بد من الإشادة بالميزانية الضخمة التي تم تخصيصها لدفع حركة البحث العلمي في البلاد، وكان لجامعة الملك سعود النصيب الأوفر منها، هذا بالإضافة إلى كراسي البحث العلمي في الجامعة، وكان لمعالي مدير الجامعة الدكتور عبدالله العثمان الفضل في طرحها واستثمارها في دفع المرحلة المتقدمة للبحث العلمي في البلاد، والتي إذا تم استغلالها ستكون ثمارها مدهشة على الأجيال القادم..

لذلك من المفترض أن تُستغل هذه النافذة الجديدة إلى بناء جيل جديد من العلماء السعوديين في مختلف التخصصات، وأن لا يُترك الأمر جله للخبراء الأجانب فقط، وأن يتم تشجيع البحوث العلمية التي يتم إجراؤها في المعامل السعودية ومن خلال طاقات تقنية وطنية، وما أود أن أصل إليه على وجه التحديد أن يتم استغلال هذا الدعم في تسخير القدرات والخبرات الأجنبية في نقل أصول العلم التجريبي والتقنية البيولوجية إلى المختبر السعودي، وفي بناء مراكز مؤهلة أولاً بالعناصر الوطنية العلمية ثم بالأجهزة.. وأن لا نكون جسراً لنقل المعلومات والعينات إلى جامعات ومختبرات أوروبا وأمريكا الشمالية.. والله على ما أقول شهيد.




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد