انعقاد قمة عربية ليس هدفاً لكن الغاية الملحة ما يتم من قرارات، وما ينعقد عليه العزم لوضع حد لغطرسة وعدوان الصهيوني، وأجزم أن بيد القمة العربية أوراقاً متى تم تفعيلها قد تأتي بأحسن النتائج، وهذا كله معلوم لجميع القادة
فلسنا في وضع يمكن من قتال العدو، وإن كان ذلك ممكناً فلهذا استراتيجية وتكتيك لابد أن يكون مختلفاً عما سبق من حروب، ولكن بأيدينا أوراقاً تتعلق بمصالح للغرب ولدول عدة من دول العالم، وهي مصالح لنا في الوقت نفسه ومن يحيط بذلك أقدر على وسيلتها ومقدار تأثيرها، وصراعنا مع الصهيوني لا يمكن أن نحكم عليه بسلام لما أثبتت السنون الستون أنه غير راغب فيه، ولا يمكن أن يتفاعل معه مهما تعددت أسباب عرضه وبنوده، وآخر وأفضل ما نحكم به عليهم المبادرة العربية أخيراً ومن واقع الأشياء وطبيعتها فإن من يعتدي على حقوق الغير لا يأمن إلى أي أمان يقدم له، وكل محاولة لا يعززها قوة وتسندها قدرة فهي محاولة في فراغ لا يحرك شيئاً من مزاج العدو الذي شملته رعاية دول الغرب بغير حق وعلى الرغم من أن الحقيقة يعلمها الصهيوني قبل غيره ومن يؤيد وجود الصهيوني ويدافع عنه هو في واقع الأمر يؤكد الدور الذي أعد له هذا الكيان بالظلم والعدوان بما في ذلك من يظن بأن في هذا مصالح لهم ولذا وحتى لا تضيع الفرصة بعد الأخرى أعتقد أن في تفعيل القيادة العربية المشتركة والعمل على تقويتها وإعطائها الصلاحيات الكافية لغرض يطور كل إمكانياتها هو الأساس ولاسيما مع تجربة مؤتمرات القمة خلال هذه المرحلة، ويفترض أن يكون لها ميثاق وعهد يؤكد دورها ويسند مراحل تطورها، وأن يكون لها ضمن هذا الميثاق عمر زمني محدد وبأجل يراه أصحاب القرار، ويجدد لتبقى فاعليته ثم إن وحدة التصنيع للدفاع العسكري غربت قبل النضج وقبل الغاية، فما هي أسباب تلاشي دورها؟
ولابد أن تقوم على أساس يبتعد أو يقترب من التجربة السابقة وذلك بعد الدراسة والتحليل، أعتقد أن هذين الأمرين خطوات جادة ستمهد للحق والعدل والسلام.
أما حال العدو ومن يؤيده فالزمن قد تعلم هذا الدرس قبل أن نتعلم منه، فلقد مضى ستون عاماً كان متاح لنا فحصها وإدراك ما هو قوة وما هو ضعف وهذا لم يحدث، والتاريخ في بطون الزمن كما هو الحال مع تفاصيله، ومهما زلت القدم فليس من المقبول هذا العجز الذي لا مبرر له، إنه عجز في العزة والكرامة والشرف والذود عن الحق والعدل إن الصهيوني جهز نفسه بالسلاح النووي وهو رادع لما حوله ولكن استخدامه أمر مستحيل إلا بشكل تكتيكي ومحدود، ومع ذلك سعى لامتلاكه، ولعل ذلك يوضح الاستعداد للمستقبل، ومن هنا فإن تفعيل قيام مجلس الدفاع المشترك ووحدة التصنيع العربي للدفاع المشترك أمر حتمي إن العدوان في مرحلته الحالية تائه بين أهداف غير محددة، ولعل في صمود المقاومة حتى هذا اليوم ما يثير الاعتزاز ويمنح الأمل، لقد تجاوز العدو بما يفعل كل المقاييس الأخلاقية وجميع القواعد التي تنظم الحروب، فكل حرب لها أهداف ووسائل، وفيما يبدو أن الوضع لدى الصهيوني فيه خلط ينبئ عن فشلٍ، فاستطاع أن يقتل أعداداً كبيرة ومريعة من النساء والأطفال لكنه لم يستطع أن يفرض ما يتمنى على المقاومة التي ما زالت في حالة من الصمود تؤثر وتتحمل الصدمة بكل فاعلية المقاومة إن ما يحدث ليس معركة عسكرية فليس من طائرة أو دبابة بيد المقاومة تواجه بها طائرات العدوان ودبابات الطغيان، فهي بلا أخلاق ولا قواعد هدفها إطلاق أكبر قدر ممكن من الرصاص ليقتل من ليسوا طرفاً في النزاع، ومن أخلاق الحرب ما أوصى به الخليفة الراشد أبو بكر الصديق رضي الله عنه وأكد من خلالها أهداف الحرب وأصولها التي يجب أن تتجنب إيذاء الشجر والحجر والمرأة والمسن، وذلك حينما توجه بوصيته وأمره إلى أسامة والذي نص على ما يلي (أيها الناس قفوا أوصيكم بعشر فاحفظوها عني لا تخونوا ولا تغلوا ولا تغدروا ولا تمثلوا ولا تقتلوا طفلاً صغيراً أو شيخاً كبيراً ولا امرأة ولا تعقروا نخلا ولا تحرقوه ولا تقطعوا شجرة مثمرة ولا تذبحوا شاة ولا بقرة ولا بعيراً إلا لمأكلة وسوف تمرون بأقوام قد فرغوا أنفسهم في الصوامع فدعوهم وما فرغوا أنفسهم له، وسوف تقدمون على قوم يأتونكم بآنية فيها ألوان الطعام فإذا أكتلم منها شيئاً فاذكروا اسم الله عليها، وتلقون أقواما قد فحصوا أوساط رؤوسهم وتركوا حولها مثل العصائب فاخفقوهم بالسيف خفقا، اندفعوا باسم الله).
إن أملنا في نصر الله لابد أن يكون له من الأسباب الكثير من الجهد، وفي مقدمة ذلك نصرة الدين والحق عز جلاله، وحتى نكون بذلك جديرين فلابد من عودة إلى النفس بصدق منقطع النظير نتأمل المسير والمصير ووسائله، والله الموفق.