اختتمت قمة الكويت والتي يمكن أن نطلق عليها عدة أسماء؛ منها قمة المكاشفة والتفاؤل، وقمة غزة والحزم مع الكيان الإسرائيلي, وقمة عبدالله بن عبدالعزيز, حيث أطلقت هذه القمة ومن خلال كلمة خادم الحرمين الشريفين مكائن المصالحة وجهود الالتفاف على المصير العربي، ولعل اللقاءات التي التأمت في مقر إقامة المليك خير دليل على ذلك.
لقد ضرب الفارس عبدالله بن عبد العزيز مثالاً وصنفاً واضحاً من أخلاق الفرسان التي قل نظيرها في هذا الزمان، من خلال تحقيق المصالحة بين الأشقاء العرب وتنقية الأجواء العربية من كل ما يشوبها، وفي الوقت ذاته فقد سقطت ورقة التوت عن كل المتسببين في إحداث الخلاف والفرقة بين وحدات العالم العربي، ولعل المتابع لوقائع القمة قبل وخلال انعقادها وقبيل كلمة الملك يشاهد مدى التشاؤم الذي سيطر على وقائع القمة، والذي انجلى سريعاً بعد الكلمة التاريخية للملك والتي أعقبها عقد لقاءات الأخوة والمصالحة.
ما أنجزه خادم الحرمين من تصفية الساحة العربية وكنس فضائها من الخلافات المقيتة كان له الدور الأول في صدور قرارات القمة التي تهدف إلى استشراف المستقبل العربي وتأمينه للأجيال القادمة، فمع التأكيد على المصالحة العربية والتي بلاشك أنها سوف تقود إلى مصالحة فلسطينية نظراً لعوامل التأثير المتبادل في هذا الأمر, فقد توج البيان الختامي هذه القمة بعدة قرارات جوهرية لمنظومة العمل العربي منها: عقد القمم الاقتصادية العربية كل عامين وبهدف تطوير المجتمعات العربية قاطبة وإصلاح أحوالها وتأمين المستقبل القادم لها من منطلق فكري اقتصادي تنموي عصري بهدف الارتقاء بمستوى معيشة المواطن وإعطاء الاهتمام المطلوب للقطاع الخاص وتشجيع الاستثمارات العربية والمشتركة والاتحاد الجمركي العربي، وتنمية قطاع الإنتاج والتجارة والخدمات والاهتمام بقطاع التعليم نظراً لما يشكله في تطور الأمم ورقيها، وتحسين أداء مكافحة الفقر وتطوير الخدمات الصحية، وغير ذلك الكثير من الطموحات الاقتصادية الجبارة، والتي لا نخالف جادة الصواب إن قلنا: إنها جاءت تعبيراً عن ارتباطية السياسة بالاقتصاد، تلك السياسة التي تمثلت في إنجاز المصالحة العربية على يد خادم الحرمين الشريفين، وذلك الاقتصاد الذي انطلقت طموحاته بعد تنقية الأجواء العربية مما كان يشوبها.