طوالع وسوانح هذا العام لا توحي بما قد يبعث على التفاؤل أو ما يشيع الطمأنينة في الكثير من الأمور الحياتية في راهننا الآن؛ فلا نعتقد أنا سننأى عن العالم وندعي أننا غير معنيين به، فإن حاولنا ذلك أو ادعينا فلن نستطيع؛ لأن الأحداث ذاتها ستبحث عنا؛ فعامنا الجديد - على ما يظهر - يخبئ في جعبته الكثير من اليأس والهموم، والقليل من الفأل والأمل.
فعلى مستوى الحروب والنزاعات يبدو أن العام الجديد بات يحمل إرثاً ثقيلاً من الأزمات، وكماً هائلاً من الأسلحة ووسائل الدمار، وجميعها تُعدُّ لمحاربة ما يزعم أنه الإرهاب، وهو موجه لا محالة صوب رؤوس الصغار والكبار والعجائز والنساء، أما مَن هو معني بأمر الحرب فسيراوغ ويناور ويتمترس خلف ما قد يحميه، لكننا نعود ونؤكد أن كل المصائب ستقع على الأبرياء الذين توقد بأجسادهم عادة نيران هذه الحروب المجنونة على نحو ما يقع في غزة الآن.
طوالع العام الجديد لا تبدو جيدة، ونذره غير محمودة، ونحن هنا لا ننجم ولا نرجم بالغيب، إنما هناك وقائع تحدث أمامنا؛ فالمشاكل والصعوبات التي ورثها عامنا من سلفه العام الماضي يمكن لها أن تُرحَّل إليه، أما عن أمر الطوالع والنذر فإن أهل نجد القدماء كانوا يقولون: (الليلة الظلماء تبين من عصرها أو مغربها أو عِشاها).
الأسعار في هذا العام زُعِم أنها ستبرد لتزامن دخول العام مع فصل الشتاء، لكن الأمر المؤذي أن البرد اشتد قسوة، والأسعار زاد أوارها؛ فهي لا تدفئ بقدر ما تكوي الأفئدة وتخرم الجيوب.
حتى الربيع؛ فأل زمننا القديم والجديد، هذا العام بات في حكم المتأخر أو حتى ما لا رجوى فيه؛ نظراً لانقطاع الغيث، رغم أننا قسمنا ابتهالاتنا ودعواتنا وقنوتنا للدعاء إما للمحاصرين والمعذبين من أوار الحروب والشحناء أو لطلب الغيث والمطر والفأل بخير عميم على الجميع.
العام الجديد حافظ على صيغة الوعود التي تسبق عادة ب(سين)؛ سيفتتح، وسينتهي العمل، وسيتم، وسينجز، وستتوقف الحروب، وسيذهب البرد، وسيأتي الربيع.. فخذ من الوعد ما تشاء ببلوغ شفق السعادة البعيد.
الأمر المزعج في بداية هذا العام، وفي أسبوعه الأول، مطالعة تقرير صحفي مدعَّم بالصور الملونة يظهر الإيقاع بعصابة (سرقة الثياب) من محلات بيع الأقمشة الرجالية، وهذه أولى النذر غير المحمودة هذا العام؛ فلم يقل التقرير (عصابة) إنما (شبكة)، وهذا أكثر إيلاما؛ بمعنى أنها شبكة ظلت تُحاك خيوطها منذ عام مضى، وسيكون الضحية القماش الذي ظللنا نظن أنه انتهى استهدافه في السرقة منذ عقود كثيرة.
Hrbda2000@hotmail.com