Al Jazirah NewsPaper Monday  12/01/2009 G Issue 13255
الأثنين 15 محرم 1430   العدد  13255
الرئة الثالثة
(هولوكست) غزة.. ماذا بعد؟!
عبدالرحمن بن محمد السدحان

 

هاتفني صديق مستغرباً إمساكي عن الكلام المباح وغير المباح حول ما تشهده أرض فلسطين الممزقة أشلاءً على أيدي الجلاد الصهيوني الظالم ظلماً تجاوز إثمه ما فعله النازيون! فقلت: ماذا يمكن أن أكتب، مما لم يرد له ذكر في قنوات الفضاء والأرض، ناهيك بالإعلام المكتوب، عربيه وأعجميه؟!

***

* كل ما أستطيع أن أقوله في هذا الموقف الصعب والعصيب معاً أوجزه في الآتي:

أولاً

* أن ما حدث في غزة لم يكن مفاجأة لأحد أبداً، فإسرائيل كانت تخطط علناً وإعلاناً لهذا (الهولوكوست) الصهيوني منذ حين لتدمير (الكيان الحماسي)، مستفيدة بعدة متغيرات من أهمها، حالة الانشطار الإنساني والسياسي و(اللوجستي) المريع في البيت الفلسطيني التي جعلت الأخ يهدر دم أخيه هدراً، ويأكل لحمه ميتاً، مما أسهم في إضعاف الصمود الفلسطيني أمام عدوه اللدود المتربص به خارج الحدود! ومن ثمَّ، لم يكن سراً أبداً أن إسرائيل كانت تعد (لجيرانها) في غزة وربما في سواها ما تستطيعه من قوة تمهيداً لاجتياحهم في وقت تختار هي زمانه ومكانه ومداه!

ثانياً

* أنني كنت وما برحت أعتقد أنه ربما كان يمكن تفادي البطش الإسرائيلي الجارف في غزة، أرضاً وإنساناً، لو لم يجد ذلك العدو (الذريعة) بين يديه صبحاً وعشياً، ممثلة في (ظاهرة) الصواريخ الصغيرة التي كان يرسلها القهر الغزاوي عبر الحدود فتصيب مرة، وتخيب مرات، لكنها كانت في كل الأحوال (ذريعة) استثمرها الظلم الصهيوني لممارسة عربدته الصاعقة، جواً وبحراً وبراً، ليحصد بذلك الأرواح البريئة شباباً وشيباناً وأطفالاً، ناهيك بالبنية التحتية للقطاع!

ثالثاً

* أن العدو الغاشم استغل ظروف العد التنازلي لحلول تنفيذ الاستحقاق الرئاسي القادم في أمريكا، ليفعل فعلته، وفي الوقت نفسه، فشل الرئيس الأمريكي الذي يوشك على الرحيل أن يفعل شيئاً لكبح الغطرسة الصهيونية، مكتفياً في الوقت الضائع ب(المهدئات) من الكلام الذي لا يطفئ حرباً ولا يمطر سلاماً، بل ربما أسهم في تأجيج العطش الصهيوني للدماء، البريئة، وهو الذي كان يطمع يوماً أن يكون (صانع السلام) في المنطقة، فلما حبط مسعاه، تخلى عن كل شيء ولم يفعل شيئاً!

رابعاً

* وهناك الرئيس الأمريكي القادم الذي آثر الصمت في وجود رئيس قائم يقول ما لا يفعل، ويفعل ما لا يقول، مما يصب انتهاءً في مصلحة العدو المبين!

خامساً

* يبقى بعد ذلك كله سؤال متعدد الأطياف وهو الأهم والأنكى والأمرّ:

* إلام سيؤول الحال بعد أن تضع الحرب أوزارها في غزة؟!

* هل ستستمر حالة (الانشطار) السياسي بين الإخوة الأعداء في الضفة والقطاع؟!

* هل سنسمع قريباً الصوت (الحماسي) يهدر ب(النصر الإلهي) على العدو، قياساً على ما فعله قوم قبلهم في مكان آخر منذ أكثر من عامين، في الوقت الذي تحولت فيه غزة إلى أشلاء وأشباح؟!

* *

* وأخيراً، هل ستستأنف (حرب التصريحات) الساخنة بين إخوة المصير ضمن إطار (نحن) و(هم) تتقاسمها لهجات (التخوين) و(الوعيد)، وتوزع من خلالها (أشواك اللوم) لزيد وعمرو من القوم، القريب منهم والبعيد، في الوقت الذي يقف فيه العدو الشرس شامتاً خارج الحدود!؟

***

وبعد،

* اللهم ارحم الشهداء من أهل غزة، واشف جرحاهم، ورد كيد عدوك وعدوهم إلى نحره!




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد