وزعت المبرات الخيرية في موسم حج هذا العم (حسب جريدة الوطن - العدد 2996) نحو سبعة ملايين وجبة وأربعة ملايين عبوة ماء، وكانت هذه الوجبات والمشروبات توزع بواسطة أكثر من 180 سيارة تجوب المشاعر ويتركز وجود هذه المبرات غالباً في عرفات ومزدلفة وقدر أن وجباتها تقدم الطعام المجاني لأكثر من ثلاثة ملاين حاج، أما الوجبات فهي متشابهة بنسبة 80% بل إن من ضمن هذه الأطعمة عصائر ووجبات محدودة الصلاحية.. ويستفيد من هذه المبرات الحجاج الذين لا ينتمون إلى مؤسسة الطوافة فلا أماكن لهم ولا أطعمة مجهزة لهم فيكون خياراً واضحاً للعيش على ما تقدمه تلك المبرات، وليس على الحاج إلا الجلوس تحت أحد السيارات أو الجسور أو بالقرب من أحد المخيمات ولديه ذلك الطعام الذي حصل عليه مجاناً.
ولم يقتصر دور المبرات التي يساهم فيها بعض رجال الأعمال على الأطعمة بل إن بعض هذه المبرات قدمت هذه العام ما يزيد على مليوني كيس مخملي تحوي حصى الجمرات نظيفا ومنقياً مما يجنب كبار السن مشقة البحث عن الحصى في ظروف مناخية وصحية قد تكون صعبة عليهم ومن هذه المبرات من قدمت هذا العام أكثر من خمسة ملايين كمامة واقية.
هذه الأعمال الخيرية المشكورة التي يقوم عليها المواطن باذلاً من ماله ووقته، ممولاً ومشرفاً، هل تساهم فعلاً في ما تسعى إليه الدولة بكافة أجهزتها في الارتقاء بخدمات الحج من خلال وضع الأنظمة الصارمة التي تمنع كل ما يحول بين الحاج وأداء فريضته بيسر وسهولة، المتأمل سوف يجد أن بعض هذه الأعمال المشكورة كان من المفروض أن توجه وجهة أخرى، فالحج بدءاً فريضة على القادر مالياً وبدنياً وعقلياً فمن لا يملك هذه المؤهلات عليه التزام منزله، لكننا عندما نقدم الماء والأكل مجاناً لم يبق ليكون الحج مجاناً إلا المأوى وأسفل الجسور وظلال العمارات والجبال والأشجار من المنازل المجانية، هذه خطوة أما الخطوة التالية فهي أن الوجبات التي تقدم عشوائياً عبر عربات ضخمة عابرة تسهم في بث الفوضى المرورية تضاف إليها فوارغ الطعام وإعاقة التدفق البشري، أما الجانب الذي قد يتسمم من الأمراض والوفيات فسوف يأتي من ولع بعض الحجاج والمعتمرين الذين يترصدون لعربات الصدقات أو المبرات معهم أكياسهم فيجمع الواحد منهم ما يكفي ويفيض، ولعدم الحرص على التأكد من صلاحية الطعام فتسمم الحاج أو المعتمر المكنز للطعام والشراب وراد جداً، وما بعد ذلك كثير أبرزها أن ضحايا هذه الأطعمة سوف يكلفون الدولة علاجاً وسكناً لشهور وفي حالة الوفاة سوف يكلفونها أجور الترحيل والدفن!
كل هذه الأمور تجعلنا نقدم بعض المقترحات بين يدي القائمين على الحج:
1 - إنشاء مؤسسات تشرف على ما تقدمه المبرات وتمنعها من تقديم الطعام والشراب مجاناً وتجيير قيمته لتقديم أشياء أكثر جدوى لا ينتج عنها فوارغ تملأ الشوارع ومشاكل صحية وأبرز هذه الأشياء الجميلة: الكمامات الواقية والحصوات والماء والإسعافات الصحية.
2 - تقديم الأطعمة عبر محلات مجهزة وبأسعار رمزية لمن يرغب عبر مطاعم تشرف عليها أمانة العاصمة المقدسة.. إذا حدث ذلك سوف يختفي طلاب الصدقات الذين يزاحمون الناس سنوياً وبعضهم يشد الرحال سنوياً ولهم في كل ذلك حيل لا قدرة لأحد عليها.
3 - فتح المجال أمام الشركات ورجال الأعمال لتقديم العديد من الخدمات من المطار إلى المشاعر وأبرزها النقل المنظم والسهل وبيع الهدايا والحلاقة والإسكان.
4 - الحد من حج الطاعنين في السن والأطفال والنساء الحوامل فظروف الزحام والمناخ والتضاريس قد تجعل حج هذه الفئات مكلفة من جميع الجوانب على الدولة وأبرز هذه التكاليف الأمراض التي قد تكون مزمنة التي يعاني منها الطاعنين في السن وولادات الحوامل، هذه الضغوط الصحية يضاف إليها ضياع الأطفال وحوادث الطريق!