Al Jazirah NewsPaper Wednesday  24/12/2008 G Issue 13236
الاربعاء 26 ذو الحجة 1429   العدد  13236
من سينصف التاريخ؟

المقابلة التي أكدت فيها وزيرة الخارجية الأمريكية كوندليزا رايس أنّ التاريخ سوف ينصفها, تعيد إلى الأذهان الكثير من الأحداث التي ارتكبتها بعض الأطراف الدولية وغلفّت بغطاء شفاف من الرومانسية والتبرير من أجل تمريرها, لصيد المكاسب وتحقيق الأهداف السياسية المنشودة منها, وهذا ليس بالأمر الجديد أو الطارئ على الصراع والتطاحن الدولي بين الوحدات المستقلة في عالم اليوم.

تقول رايس في المقابله التي أجرتها معها وكالة فرانس برس، أنها لم تحقق بعض الأهداف التي حددتها لنفسها، لكنها أكدت أنها واثقة من أنّ التاريخ سينصفها في نهاية المطاف. وتضيف عرّابة الدبلوماسية الأمريكية، أنها تعلم أنّ شعبية الولايات المتحدة (ليست ممتازة) في العالم العربي بعد ثماني سنوات من تولِّي جورج بوش الرئاسة. كل هذه التصريحات شيء بديهي وأمر متوقّع ولا جديد يُذكر فيه، إلاّ أنّ القول إنّ العراق الجديد (سيغيّر وجه الشرق الأوسط)، وأنه (سيكون أول ديموقراطية متعدّدة الاتنيات ومتعددة الطوائف في العالم العربي)، بالإضافة إلى التأكيد على أنّ الوضع في الشرق الأوسط تحسّن كثيراً، بالمقارنة مع ما كان عليه في 2001 عندما تسلّم بوش السلطة .. هذه الأطروحات والقناعات، تثير الكثير من علامات الاستفهام والتعجب، فما يعوث بالعراق من قتل يومي وإبادة للأرواح البشرية، وانتشار ثقافة النزعات الانفصالية، والطموح إلى تشكيل الكيانات المستقلة، وغيرها من إرهاصات الغزو الذي مزّق مسبحة الوطن، وساهم في مد أيادي التدخل الخارجي على أسس الطائفية .. كل هذه المعطيات على أرض الواقع تفنّد مثل هذه التصريحات، فمهما كانت الخطوط العريضة التي سوّق بها الاحتلال رومانسية وجذابة، فإنّ نتائج الواقع المرير تؤكد أنّ استخدام القوة من أجل التغيير أو استجلاب القيم الديمقراطية من الخارج، لا تعود إلاّ بالوبال والدمار على استقرار الشعوب والأوطان.

لقد عانى العالم بما فيه الكفاية من تلك الأجندات إلى تجنح إلى عسكرة العلاقات الدولية، واستخدام العصي الغليظة، لأجل إعادة رسم الخرائط من جديد، تحت مبرّرات الأمن والسلِّم الدولي اللذين أضحيا مع مفاهيم الحرية، بمثابة أحصنة طروادة التي تستغل لتحقيق المكاسب وجني الأرباح، بشتى الطرق والأساليب، ليأتي بعد ذلك التأكيد الحار بأنّ التاريخ ليس بخيلاً بالإنصاف!!

****

لإبداء الرأي حول هذا المقال، أرسل رسالة قصيرة SMS تبدأ برقم الكاتب«9999» ثم أرسلها إلى الكود 82244




 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد