Al Jazirah NewsPaper Saturday  20/12/2008 G Issue 13232
السبت 22 ذو الحجة 1429   العدد  13232

أما بعد
سلمت يدا المنتظر
عبدالله بن عبدالعزيز المعيلي

 

لقد قضت إرادة الله أن يتجه (بوش) إلى العراق كي يودع عهده البائس المشؤوم على العراق وعلى العالم كله بذكرى ستظل راسخة في ذاكرته حتى مماته، يقول الشاعر عيسى عدوي:

إن عاش يذكرها في ليله قدرا

أو مات تلحقه للقبر تبتدر

لقد كانت نهاية مظاهر الاحتفاء ب(بوش) مقترنة بحادثة ولا أبلغ منها في التعبير عن السخط والرفض لكل إجراءاته التعسفية الظالمة للعراق وأهله، هذه الحادثة اقترنت بصورة لها أكثر من دلالة ومعنى، حادثة أثلجت صدور كثير من المغتاظين الساخطين من (بوش) وقوته الخشنة الغاشمة، وسطوته الظالمة، وتدليساته وشعاراته الجوفاء، صورة دلالاتها واضحة صريحة في الثقافة العربية، وفي كل الثقافات الحرة الأبية، فرمي الحذاء في وجه (بوش) أشد إيلاماً عليه من الصواريخ التي أمطر بها سماء العراق، هدمت مدخراته، وروعت أهله، إنها أوضح تعبير وأصدقه في تعرية سنوات حكمه العجاف إلا من القتل والتدمير، وانتهاك الحريات والحرمات والأنفس، يا لها من صورة سوف تخلدها صفحات التاريخ، صورة حذاء المنتظر وهو يكاد يلامس جبين (بوش) المهزوم المأزوم بهاجس سفك الدماء، ومحاربة الآمنين، واستغلال خيرات البلاد، وإذلال كرامات العباد، واستعباد الناس وقهر كراماتهم واستبعادهم وتشريدهم، يقول عدوي:

هذا حذاء رأى من نفسه عجبا

ما عاد يشبهه شمس ولا قمر

لا تعنينا كثيراً انحناءته أمام حذاء المنتظر، ولا إن كان خائفاً منه أم لا، ما يعنينا جرأة هذا الرجل وتماديه في تشويه الحقائق، وتزوير المواقف، وتفسير البصائر الواضحة حتى بدت للناظرين حولا، ولكن لا غرابة البتة؛ حيث إن هذا ديدنه، وهذا منهجه، وهذا ما سير ويسير به قوته؛ تسويغاً للعدوان والبغي.

إن رمي (بوش) بالحذاء يعد في نظره أحد الدلائل والمؤشرات على الحرية في العراق، هذه رؤيته للحادثة، وهذا تفسيره الأحول لها، فهو يرى الحقائق دائماً مشوشة مشوهة، وهو بهذا التفسير وإن حاول أن يقنع غروره وكبرياءه المجروح، فلن يقنع حتى الطفل الذي ما زال في الصف الأول من المراحلة الابتدائية؛ فالطفل في هذا العمر الزمني يدرك أن هذا الفعل مؤشر على السخط، ودليل على الكراهية والامتعاض، وأن هذا الفعل أبلغ في دلالاته من بليغ الكلام في التعبير عن الإمعان في الإذلال والاحتقار لمن رُمي بالحذاء.

والعجب كل العجب من أولئك الذين انبروا للدفاع عن (بوش) وهم قلة معروفة بأنها تدور في فلكه، مرتمية في أحضانه، يرون سيئاته حسنات، وأفعاله القبيحة مليحة، لهذا صبوا جام غضبهم على رامي الحذاء، ووصفوه بأوصاف هي الأقرب إلى حالهم من حاله، ف(المنتظر) أبي النفس، شريف كريم يأنف الظلم والعدوان، لا يرضى بالذل ولا بالهوان، فقد عاش هو وأهل العراق على أيدي (بوش) وزبانيته كل ألوان الظلم والقهر والإهانات وسلب الحريات، وهذه الأمور الفظيعة لا تعني شيئاً لأعوان (بوش)، ولم تحرك أقلامه (المستغربة) استنكاراً وشجباً، بل لاموا الضحية ودافعوا عن الجلاد؛ لهذا لا ينتظر من هؤلاء وأمثالهم إنصافاً ولا عدلاً، ولا انتصاراً للكرامات والحرمات التي ينتهكها جنود (بوش) كل يوم في العراق وأفغانستان.

سلمت يدا المنتظر، وفك الله أسره.

لإبداء الرأي حول هذا المقال أرسل رسالة قصيرة SMS  تبدأ برقم الكاتب 7789 ثم إلى الكود 82244

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد