خلف حواجز (الممنوع) تكمن الشهوات، وتتوارى الرغبات، وتحط نوازع النفس رحالها..خلف حواجز (الممنوع) تسكن المحرمات ويرتع شكل من أشكال الحرية.. خلف حواجز (الممنوع) أصوات تنادينا للمجيء..
***
(ممنوع) كلمة قيّدت في رسم حرفها بقيدين ابتداءً في (ميميها) وحوصرت في نهايتها بالتواء حرف كالتواء السوط في (عينها).. من جاوز قيدها الأول قد لا يجاوز قيدها الثاني ومن تعداهما وقع في زنزانة التف حولها السوط..
(ممنوع) قيد تفننت في صنعه الشرائع والقيم والعادات والذات.. وتفننت في بسط نفوده وطيها المجتمعات وجعلت من حماه ساحة ملطخة بدماء الرذيلة والعار ولهيب العذاب كي تأنفه النفس ولا تألفه وتمقته الجوارح ولا تسيغه..
لكن (الممنوع) يستباح ويتلذذ باستباحته! فهل عجزت جنود حماه عن صد من قصدوه؟ أم أن النفس مجبولة على تسلق أسوار المنع كارهة لسبل القمع؟ متسربلة بثياب الجرأة والاستباحة؟
(ممنوع) كلمة فتحت لكثير أبواب الشهرة.. وأغدقت عليهم كنوز الأرض.. وجلبت لهم متع الحياة.. فكيف هي شهرة الممنوع؟ وكيف هي كنوزه؟ وكيف هي متعه؟
***
يحكى أن رهين المحبسين أراد أن يخون امرأته مع امرأة أخرى؛ فوصل الخبر لزوجته التي دل الله بصيرتها على أن تقوم هي بدور المرأة الأخرى فهو أعمى لا يرى.. وبعد أن قضى وطره منها واستمتع بها وشعر معها بلذة المنع: قالت له قبحك الله أنا زوجتك فلانة فقال لها: ما ألذك في الحرام وما أقبحك في الحلال..!
***
تثور في فؤادي أسئلة يثيرها (الممنوع) ويقض مضجعها فتضحي وتمسي ضاربة بعصاها في كل أرض تريد أن تسترشد الطريق:
هل ترتدي الأشياء جمالها لأنها جميلة؟ أم لأنها صعبة المنال؟ أم لأن المنع يضفي على الممنوع جمالاً وإن قبح؟ وهل نعيد حساباتنا في ما نمنع وما نُمنع عنه؟ وهل نعي أن المنع الذي يسبغ على القبح جمالاً - فيصوره خيراً مما بين أيدينا حتى نشارف على فقد موجود لأنا نبحث عن مفقود - هل نعي أنه ذات المنع الذي قد يزيد الجمال جمالاً إذا كان تمنعاً لا يصل لحد القطع؟ عندها يكون (الصمت في حمى الجمال جمالا)...؟
***
(الممنوع) مُسلَّمة ترسم الحدود..لكن السر في قيودها وأسوارها فذاك قيد من ذهب، وهذا قيد من حديد.. وحبائل تلك القيود بأيدينا نشد وثاقها فنجعل من (الممنوع) ممنوعاً حقاً أو من (الممنوع) مرغوبا...
almdwah@hotmail.com