الخلاف الفلسطيني الفلسطيني وخصوصاً بين حركتي فتح وحماس طال أكثر مما توقعه أكثر الناس تشاؤماً، ولكن هذا الخلاف أصبح حتمية سياسية لا مفر منها، ولا رجاء في إنهائها عبر وساطة الوسطاء أو نصيحة الحكماء!. وبالتالي، ما الذي يستطيعه العرب القيام به لمساعدة الفلسطينيين إذا لم يحسن الفلسطينيون أنفسهم الظن في بعضهم بعضاً، وينحوا خلافاتهم جانباً من أجل قضية أسمى بكثير من اختلافاتهم السياسية؟.
لقد قامت المملكة بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز بالوساطة بين قيادتي حركتي فتح وحماس، وأطلقت هذه القيادات وعلى بعد أمتار من الحرم المكي الشريف العهود والمواثيق والأيمان بألا يعودوا إلى خلافاتهم، وأن يمدوا يد السلام والأخوة والمحبة فيما بينهم، ومع ذلك عاد الاقتتال فيما بينهم، وكأن شيئاً لم يكن!.
وهاهي الوساطة المصرية تسعى إلى إطلاق حوار شامل بين الفصائل الفلسطينية، من أجل التوصل إلى حلول ترضي الجميع، ومع ذلك، لم يجتمع الإخوة ولم يتحاوروا، وكأن وضعهم الحالي هو ما لا يريدون عنه بديلاً!.
ومن المستفيد من كل هذا؟ طبعاً ليس الفلسطينيين، بل هم أول الضحايا، والمستفيد الأول هو إسرائيل التي من صالحها أن يظل الفلسطينيون متقاتلين، وأن تكون هناك إدارة في الضفة الغربية وإدارة في غزة، بل وستسفيد أكثر إن اتسعت دائرة الخلاف لتشمل حتى داخل الحركات نفسها، وكلما زادت التفرقة سادت إسرائيل عليهم، ونكلت بهم وبطشت بشعبهم، وأوضح مثال على ذلك ما يعانيه إخواننا في قطاع غزة من ظروف بالغة القسوة بسبب إغلاق إسرائيل لمعابر القطاع وتشديد الحصار عليه، ومنع الإمدادات الغذائية والطبية عن سكانه.
وزراء الخارجية العرب حذروا في اجتماعهم الأخير في القاهرة من فشل الحوار الفلسطيني الفلسطيني، وأكدوا أنه سيضيع القضية الفلسطينية برمتها، لأن إسرائيل ستستغل هذه الظروف من أجل المماطلة في عملية السلام، ورفضها للتجاوب مع المبادرة العربية للسلام، بحجة أنها تفتقر إلى شريك حقيقي للسلام في ظل اختلاف الفلسطينيين بعضهم مع بعض.
المطلوب من الإخوة في فلسطين تحكيم الضمير الإنساني والعودة إلى العقل وتغليب المصلحة الفلسطينية العامة على المصلحة الشخصية والفئوية والحزبية من أجل الوصول إلى حل وسط ينقذ الشعب الفلسطيني مما هو فيه من كرب.
****
لإبداء الرأي حول هذا المقال، أرسل رسالة قصيرة SMS تبدأ برقم الكاتب«9999» ثم أرسلها إلى الكود 82244