عودنا على تواضعه وأريحيته ومحبته وإنسانيته وسماحته، لا بوصفه ملكاً وزعيماً وقائداً، وإنما لأنه عبدالله بن عبدالعزيز بصفته الشخصية، حيث نشأ وتربى على هذا النهج، وسار على هذه الخطى، وعاش حياته لصيقاً بهذه القيم، مستلهماً كل هذا من توجيه كريم ورعاية كان قد تلقاها من والده المغفور له - إن شاء الله - الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود.
***
وجاءت مبايعته وتسلّمه لمقاليد الحكم في البلاد ملكاً للمملكة العربية السعودية وخادماً للحرمين الشريفين لتؤكّد على إجماع الأمة نحو تميزه بهذه الصفات، ولتعطيه مسؤولياته الجديدة مساحة أكبر تؤهله وتعينه على خدمة وطنه ومواطنيه وأمته العربية والإسلامية على امتداد العالم بشكل أكبر، وعلى النحو الذي نراه الآن واضحاً ومشعاً، مستنداً في كل إنجاز تحقق على يديه وبتوجيهاته الكريمة على رصيد كبير من الخبرة والإخلاص والشعور بالمسؤولية أميراً ثم ملكاً لهذا الوطن الغالي.
***
و خادم الحرمين الشريفين لا يحتاج مني إلى كلمة أو شهادة أضع قارئي من خلالها في صورة هذا الانطباع الشخصي عن شخصية الملك عبدالله بن عبدالعزيز، إذ ما من أحد يعيش متابعاً ومتتبعاً لهموم أمته إلا وكان لديه هذا الانطباع، وعنده مثل هذا الشعور والإحساس، بل إنه سيكون - كما أظن - على دراية بما يقوم به مليكنا من جهد خلاق وبذل وعطاء لإسعاد مواطنيه وخدمة وطنه والتعامل الإيجابي مع متطلبات شعوب العالم.
***
وبلغة الأرقام التي أمامنا، وباستعراض لمواقفه وإنجازاته على المستوى المحلي والإقليمي والدولي سنرى حضوره المؤثِّر والفاعل أمنياً وسياسياً واقتصادياً وتعليمياً وصحياً، وحيثما كانت هناك حاجة تتطلب سماع صوته ووجهة نظره وأعماله التي تسبق أقواله، وإنجازاته التي تتحدث عنها أقواله، بما لا حاجة للدخول في التفاصيل أو اللجوء إلى الاستعراض السريع لها، حيث شواهدها ومشاهدها ومعالمها وصورها الجميلة أمام العين بما لا يمكن أن تخفى على من في عينه بصر.
***
ومهما قيل أو كتب عن شخصية عبدالله بن عبدالعزيز، فإنه لن يلبي أو يوفي حق هذه الإنجازات الهائلة التي تحققت على يديه في إبراز مضامينها الوطنية والإنسانية، وأبعادها التنموية، فضلاً عن خدمتها وإسعادها للمواطن، وبخاصة حين تقاس هذه الإنجازات بعامل الوقت القصير الذي أنجزت فيه، والظروف المحيطة بها عالمياً وإقليمياً، ما لا يملك المواطن حين يرغب أن يعبر عن شعوره ومشاعره أمام ما يرى أمامه غير الزهو فخوراً وسعيداً بما تحقق ويتحقق للوطن من تطور كبير يفوق كل التقديرات التي كان قد عبر عنها الخبراء وذوو الاختصاص.
***
أكتب هذه السطور بعد ساعة واحدة فقط من تشرّف رؤساء التحرير - زملائي وأنا - وبعض القيادات الإعلامية في وزارة الثقافة والإعلام بلقاء خادم الحرمين الشريفين بعد ظهر يوم أمس، حيث تكرر المشهد أمامنا في هذا اللقاء وتجدد الانطباع الجميل الذي نحمله عن سيرة ومسيرة هذا الملك، تعزّزه كلماته وتوجيهاته ورؤاه حول الحوار بين أتباع الأديان، وما أفاض به أمامنا بحضور بعض أصحاب السمو الملكي الأمراء ومعالي وزير الثقافة والإعلام من وجهات نظر في قضايا الساعة - وبخاصة الاقتصادية منها - حيث طرقت مستجداتها وتطوراتها وخطورتها أبواب كل دول العالم، فاهتزت بسببها مكانة دول وسقطت أقنعة قادة وحكومات وتأثرت شعوب عدة، وبقيت المملكة بحكمة وسياسة مليكها وولي عهده آمنة - بحمد الله - من امتداد هذه التطورات المدمرة إلى اقتصادنا ومؤسساتنا المالية.
***
لقد أعطى الملك من وقته الثمين فرصة للقيادات الصحفية في المملكة لتلتقي به كي تستفيد من نصائحه وتستلهم من توجيهاته الأبوية في تطوير مستوى الأداء في عملها، كما أتاح من جانبه لرؤساء التحرير - كعادته - الفرصة لهم ليعبِّروا عن وجهات نظرهم، ضمن شعوره وقناعاته - حفظه الله - بأن للصحافة رسالة ينبغي أن تؤديها، وعلى قياداتها مسؤوليات يجب أن يقوموا بها، في مجتمع يقدِّر أهميتها ودورها في حماية مكتسبات الوطن والمساعدة في استمرار مسيرة التطور التي يقودها الملك عبدالله بن عبدالعزيز بمعاضدة أخيه الأمير سلطان بن عبدالعزيز.
***
شكراً - أبا متعب - فلقد كانت كلمتك وتساؤلاتك أمامنا دروساً بليغة، تعلمنا منها ما لم نكن نعرفه من قبل، وأضفناها إلى رصيدنا من الدروس السابقة، وستبقى ثقتكم بأبنائكم رؤساء التحرير في محلها، وسيبقى عنوان عملنا خدمة الدين والوطن، مثلما طالبتنا بذلك وأكدت عليه مراراً، فأنت القدوة والعلم والمعلم الذي نستنير بتوجيهاته ونسير على خطاه.