التغيير مصطلح يكثر تداوله في أمريكا والعالم بسبب الانتخابات الرئاسية لأقوى دولة في العالم. وباتت هذه الانتخابات وكأنها ستنقل أمريكا والعالم من حقبة لأخرى. وأصبح هذا المصطلح في أمريكا مثل (ليلى) في التراث العربي فكل يريد وصلا بليلى، وليلى لا تقر لهم بذاكا.
إلا أن حملة المرشح الديمقراطي باراك أوباما اتخذت من هذا المصطلح شعارا لها، وجعلت منه مفتاحا انتخابيا كبيرا تفتح به الصناديق المغلقة في حين أن المرشح الجمهوري جون ماكين وعلى الرغم من أنه حاول أن ينأى بنفسه عن الرئيس الحالي جورج بوش وإدارته إلا أن كثيراً من المتابعين يرونه امتدادا لنهج بوش المتشدد، وهو ما أثّر كثيراً على شعبيته.
ولكن من الملاحظ أنه على الرغم من أن التغيير هو المصطلح الكبير والشائع في هذه الانتخابات، إلا أن آراء أغلب الذين أيدوا هذا أو ذاك من الشخصيات المعروفة والصحف الشهيرة وعامة الناس تركزت حول الصفات الشخصية للمتنافسين - بما فيها اللون! - وبرروا آراءهم التفضيلية بقولهم مثلا إن أوباما أذكى من ماكين وأكثر اتزانا، أو أن ماكين أكثر خبرة، وقوة، وقال بعض العامة صراحة إنه يؤيد ماكين لأن أوباما أسود! أو يشتبه في أنه مسلم!! في حين قال آخرون إنهم يؤيدون أوباما لأن ماكين شيخ هرم، ومريض!. وربما هذه صفات أهم من التغيير لدى هؤلاء!
ويبقى السؤال الأكثر أهمية، والمطروح في أمريكا والعالم، هو هل ستأتي هذه الانتخابات بجديد، وهل ستتغير السياسة الأمريكية وخاصة الخارجية منها؟. وللإجابة على هذا السؤال يجب التفريق بين التغيير المأمول والتغيير الممكن. فعادة ما تمتلئ الحملات الانتخابية في أي مكان وعلى أي مستوى بما يسمى بالوعود الانتخابية التي تعتبر جزءا من البرنامج الانتخابي للمرشح، سواء كان هذا المرشح متقدما لمقعد في بلدية، أو لمنصب في ولاية أو لكرسي الرئاسة.
وبعد الانتخابات تأتي مسألة القدرة على تنفيذ هذه الوعود، حسب ما هو متاح من الإمكانيات والظروف المحيطة. فالرئيس الذي سيصل إلى البيت الأبيض سيواجه مؤسسات سياسية راسخة بها آلاف الموظفين والخبراء الذي يعملون من سنوات طويلة. وهؤلاء هم الذين يمدون الرئيس بالمعلومات والتقارير والدراسات عند رغبته في اتخاذ أي قرار، وهؤلاء لا شك أن لهم تأثيرا كبيرا على صنع القرار في البيت الأبيض.
كما أن الرئيس لديه صلاحيات متقاطعة مع صلاحيات الكونجرس، وقد يرفض الكونجرس ما يتخذه الرئيس من قرارات وخاصة المتعلقة بقضايا الحرب والسلام والمعاهدات الدولية وغيرها من القرارات الكبيرة. وبالتالي، فإن التغيير ممكن الحدوث، ولكن قد لا يكون وفق ما هو مأمول، حتى لو كان الفائز في الانتخابات هو من كان يتخذ (التغيير) شعاراً ويتغنى به!.