اهتزت منصة المجد التنويري، وارتج ذلك التفرد بفن النقد الأدبي لدى أستاذ جيل وكشاف موهوبين، وذلك بإعلان وفاة من وصفه الكاتب المصري جمال القصاص ب (الأب الروحي للنقد الأدبي الذي حوله من نخبوي إلى جماهيري)!!
لقد أسقطه المرض اللعين السرطان في الموت، وقد كان المجد بنشاط المبدع يواصل رسالته التي انطلق بها في استهلال العشرينيات.. فألقى ضوء نقده الموضوعي على من توسم في عطائهم الأدبي: الإبداع، وكان على رأسهم الروائي الذي انتشر بعد ذلك (الطيب صالح)، ووصف (النقاش) بأنه (أعاد اكتشاف رواية الطيب صالح الشهيرة موسم الهجرة إلى الشمال).
***
* وذرفت عيناي اليوم دموع الشجن والذكريات التي كانت تفيض بمواقف الصداقة الجميلة بيننا.. فقد صادقته منذ تعرفت عليه وهو: رئيس مجلة (الدوحة) الثقافية التي انتشرت بين عشاق القراءة والمعرفة، وقال البعض: إنها صارت تنافس مجلة (العربي) وتعمقت صداقتنا فكان يدعوني كلما زرت الدوحة إلى بيته هناك وعائلته في القاهرة، ونمضي شطراً من الليل في حوار عن الجديد في الكتب، واستمتع برؤيته النقدية وعمق ثقافته، وكنا نتواصل بالهاتف.. ودعاني للكتابة لمجلة (الدوحة).
***
وقد آلمني مرضه الذي بات يعاني منه: صابراً مجالداً، شاكراً الله عز وجل على ابتلاء المؤمن في شخصه.. وكانت تصلني أصداء من كلمات (رجاء النقاش) من ذلك الزمن الجميل حين تحدث عن (القراءة) التي نحض على تشجيعها في صفوف الشباب، وتوفير المكتبات والحث على ارتيادها، فأراد أن يؤكد أن القراءة في العالم العربي لم ولن تموت، وأضاف:
- (لكن الذي مات ولم يعد له جمهور هو الكلام الذي يتكرر، والفكر الذي يضع يده في ماء فاتر ولا يقترب بهذه اليد من النيران الملتهبة)!!