تسلم الحكومة العراقية لمسؤولية عناصرالصحوة يعيد من جديد قضية الحديث عن الملف الأمني في العراق وحساسية تحكم الجانب الأمريكي به ومدى التوقعات بعد رحيل الجنود الأمريكان عن الأراضي العراقية، التي يجب أن تستعد لها من الآن الحكومة العراقية برزمة من الإجراءات التي تحفظ لحمة الوطن وتساهم في استقرار الأمن والعيش السلمي به. فمن المعروف أن ثقافة الميليشيا متى ما استشرت في بلاد صعب السيطرة عليها حتى وإن كانت هذه السيطرة والتحكم تحت مداخل القانون وشرعية الحكومة. والأمثلة على ذلك كثر سواء كان ذلك في لبنان أو فلسطين أو الصومال أو غيرها.
إن ما نتحدث عنه لا ينطوي على تهجم على عناصر الصحوة والدور الإيجابي الذي قامت به في حفظ السلم والأمن في العراق، ولكننا نتناول مفاهيم وتجريدات تتجاوز قضية الصحوة (أو أبناء العراق) كما يسميهم الأمريكيون إلى عقدة الميليشيا أو الجماعات المسلحة في العالم العربي التي وإن كانت لها بدايات سليمة ومهمة في مسيرة الأوطان فإن التاريخ يثبت أنها غالباً ما تتحول إلى إشكال جديد سواء عن طريق تضخمها أو عبر الانقلاب عليها من قبل السلطات الرسمية.
إن أكثر ما يحتاج إليه العراق وبغض النظر عن مكافحة انتشار العنف به هو خلق نوع من المفاهيم التي تجعل الوطن فوق كل ما دونه من قناعات وأيديولوجيات وقضايا مستغلة من قبل الأفراد والجهات التي تسيس حتى المذاهب من أجل مقاصدها وأغراضها السياسية. وهذا هو صلب الحديث، فحين تتلقى تكتلات الميليشيا مع ممارسات التسيس فإن الوطن سوف يجد نفسه أمام بورصة مزايدات ترفع الأسعار من أجل اقتسام الكعكة واغتنام خيراتها، ولن يتورع المتربصون من اللاعبين الإقليميين من مد أياديهم لخطف الأوراق ومحاولة النفاذ عبر كل تكتل أو تحزب من أجل مغازلة الطموحات الانفصالية أو الحزبية. نتمنى أن يساهم تسلم الحكومة العراقية ملف قوات الصحوة في تكريس الأمن في العراق وزيادة التجانس والتنوع الطائفي داخل عناصر ومقومات المسئولية والسيطرة التي إن لم تكن شراكة بين جميع أبناء العراق فلن يحل محلها إلا ثقافة الإقصاء والتهميش وما تجره من وبال على الشعوب والأوطان.