* اشتقت إلى (بابا طاهر)!!
كأن موته (القديم) قد صادر هذه الكلمة - النداء من حياتنا.
كأن الحب - بعده - حزين.. يستغرق في الشجن، والذكرى، وتحبطه (سلوكيات) عصر جديد.. أتى بعد رحيل (بابا طاهر) يحمل الوجع، والفرقة، والوحدة!
اشتقت - بصدق - إلى (بابا طاهر)... لأنني أفتقد محبته المميزة، وسعيه للسؤال عنا نحن أبناءه - حتى في أقسى مراحل آلامه وتفاؤله بالحب، وقد لاقى الكثير من النكران والجحود... وقد كان يعاني من صروف الحياة ومن مرضه، فعلمنا بهذه القدرة كيف يصمد الإنسان بإرادة تواجه المحن والتحديات، وكيف يحيا عمره مختلساً الفرح من الترح، والابتسامة من الدمعة!
إن اشتياقي لهذا الرجل (طاهر زمخشري) هو شوق عمر كامل من الحب، ولأجل الحب.. ويبقى شوق ذكريات حافلة لا تهون في العمر، وتفيء ما عتمته الصروف!
عندما كنا صغاراً، أسس بمجموعتنا أسرة برنامج للطفل، كان يقدمه متفرّداً بلونه.. وقد تبنّى مواهبنا منذ ذلك العمر، وحتى صرنا كباراً في العقول والأجسام، وبعضنا صار كبيراً في المركز... فكان يقول لنا:
- إن الحب ربح، والحقد خسارة!
- إن كسب صديق.. هو موقف، وإن خسارة صديق.. هي عزلة!
وعندما صار استقرار معاشه في تونس في سنواته الأخيرة.. كان ينادينا، ويحفزنا للذهاب إلى هناك ليتنسم عبق ذكريات عمره، ورائحة بلده.
كان يسعى إلى كل واحد من بلده يدخل (تونس)... وبرغم معاناته من المرض، وإرهاقه الشديد.
- كان يقول لي هناك: كل ما رأيت واحداً منكم.. أشعر أن عمري يتجدد، فأنسى آلامي، وتعود إلى حيويتي وشبابي، و(أتبغدد) على هذه الحبيبة الأخيرة التي تلازمني، وأكاد أنساها، ويقصد تلك الأنابيب: (آلة غسيل الكلية)!
كان يغسلنا بمحبته من همومنا، وغبارنا، وعثراتنا... بينما كنا مقصرين معه وهو حي.. فنعجز أن نتذكره، وأن نعينه على احتمال آلامه.. ولكنه سريع الصفح عنا!
كان يحتاج منا إلى وردة كل صباح، وإلى كلمة تشعره بوجوده في ذاكرتنا وقلوبنا!