Al Jazirah NewsPaper Saturday  27/09/2008 G Issue 13148
السبت 27 رمضان 1429   العدد  13148
هل هناك المزيد من الأبطال في بلادنا
د. عبد الملك بن عبد الله زيد الخيال

مع كل ما يحيط بنا في كل عصر من دواعي الإحباط وصوره وأشكاله المختلفة، سنظل أمة مؤمنة يتتابع فينا- ولله الحمد- العلم والعمل والفضل ويستمر فينا العطاء والإيثار والاجتهاد، وتتضافر عناصر الخير التي تغذي العقل، وتنمي الفكر،..

.. وترهف الحس، وتعين على ترسيخ معاني الثبات على الحق والصبر على المكاره، والتسامي إلى معالي الأمور والترفع عن سفاسفها، وما قام به مؤسس تلك الديار من توحيد لهذه الديار، وتكاتف شعبنا في سبيل رقي بلادنا، وما قام به أهالي عنيزة سابقاً وأهالي الزلفي حاليا وغيرهم الكثير يعد من الضرب من العلم والعمل والعطاء والاجتهاد المتتابع فينا، الماد بنا في حياة التقدم والحضارة والعمران، رغم كل المثبطات، المستشرف لنا - دوماً - آفاقاً جديدة في طريق القوة والقدوة الحسنة والجد المتصل النافع للناس، لنعيش الحياة وبهاءها وألقها بما نتمتع به من خلق رضي، ومرونة واعتدال، وإشراق وتفاؤل ووفاء ووئام بين الأجيال.

لقد بدأت أكتب هذا المقال بعد قراءتي رسالة الأستاذ عبدالكريم بن أحمد الفراج مدير منتزه الزلفي الوطني الرقيقة التي يشكرني فيها على طرح ومناقشة موضوع (كيفية تحسين قدرة المراعي في بلادنا) الذي تم نشره بجريدة الجزيرة بتاريخ 26-6-2008م و11-7- 2008م والتي فيها ذكرت عددا من النقاط والمواضيع الهامة التي تعالج تدهور المراعي وطرق المحافظة على الغطاء النباتي وزيادة زراعة الأشجار في الأودية والرياض، والمحافظة على النباتات الرعوية بعدم اقتلاعها من جذورها كما يفعل بعض ضعاف النفوس من ذوي أصحاب المواشي بجعلها علفا لمواشيهم مما ينذر بعدم استكمال دورة حياة تلك النباتات، ودعوتي جميع الشركات والمنظمات والجهات الحكومية إلى المساهمة في توفير الدعم المادي والعيني لتوفير الشتلات، ودعوة كافة أفراد المجتمع لنشر أهداف جمع البذور وزراعتها في برارينا، وكذلك دعوة أهل المشاتل والمؤسسات الزراعية بالمساهمة بزيادة الغطاء النباتي من خلال تشجير بعض المواقع التي تحتاج إلى تشجير.

كما تحدثت عن جهود الأهالي قديما كما في محافظة عنيزة وجهود وزارة الزراعة في منطقة الأحساء والمناطق الأخرى، والآن جهود أهالي محافظة الزلفي- بارك الله فيهم- جميعا أفرادا ومؤسسات وهيئات حكومية.

وقد تساءلت سابقا هل يوجد لدينا أبطال مثل ذلك الفتى الذي حول مدينته من مدينةكئيبة إلى مدينة تزينها الأزهار طوال العام، وذلك عن طريق تجميع بذور النباتات من البراري ونثرها قبل مواسم الأمطار في داخل وخارج المدينة التي يقيم فيها.

ويذكر الأخ عبدالكريم أنه يوجد أبطال في كل محافظة في بلادنا مثل أهالي محافظة الزلفي الذين قاموا بإنشاء مشروع منتزه الزلفي الوطني الذي يقع غرب الزلفي على مساحة 20 مليون متر مربع، وكذلك إنشاء منظومة متكاملة تتوفر فيها جميع المقومات الأساسية للتنزه ووسائل الراحة، وكذلك إنشاء محمية داخل المنتزه تضم حديقة حيوان وفياضا ورياضا مخصصة لإكثار البذور، وكذلك إنشاء حديقة نباتية دولية بالتعاون مع مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية وتخصيص أماكن استزراع بذور لزراعة الشتلات بهدف إكثار البذور لبعض النباتات البرية، وكذلك عمل تجارب وأبحاث علمية على بعض النباتات بالتعاون مع جامعة القصيم بالإضافة إلى إنشاء بيوت ومظلات تتسع لأكثر من (150.000) شتلة لإكثار النباتات الحراجية من أنواع (سمر، طلح، أرطى، سدر بلدي) هذا بالإضافة إلى استزراع ملايين البذور التي تم جلبها من مركز أبحاث الجوف وزراعتها في المنتزه والمحمية والحديقة النباتية قبل موسم نزول الأمطار قبل عامين والتي أدت إلى نتائج طيبة وكبيرة جدا بحمد الله.

وقد تم ذلك بحمد الله بدعم من حكومتنا الرشيدة ممثلة في وزارة الزراعة ووزارة البلديات ممثلة ببلدية الزلفي، والتعليم العالي ممثلا بالكلية التقنية، كما دعمت شركة الكهرباء وكبار رجال الأعمال مثل محمد العبداللطيف ومحمد الفالح وصالح المحيسن ومقبل الملحم وعبدالرحمن الطوالة وعبدالعزيز المدالله ومؤسسة سمنان وغيرهم الكثير الذين أشكرهم وأعتذر منهم لعدم ذكر أسمائهم لكثرتهم ما شاء الله.

ويختتم الأخ عبدالكريم خطابه بقوله: (أرجو أن تترجم مقترحاتكم وأن تجد من يفعلها من لدن الجهات الحكومية والمنظمات والشركات حتى نجد أراضينا ومراعينا وبرارينا واحات غناء).

وأنا بدوري أقول للأخ الفراج اللهم كثر من أمثالكم، أنتم الجنود المجهولون الذين يعملون على رقي بلادنا في جميع المجالات، هؤلاء الرجال أمثال رجال عنيزة السابقين ورجال الزلفي الحاليين، وأن يكون في كل مدينة وقرية في بلادنا رجال يعملون على جعل مدنهم وقراهم وبراريهم من أجمل وأنظف المناطق في العالم، وأن يكملوا ما قام به مؤسس هذه الديار- رحمه الله-، وما تقوم به حكومتنا من مشاريع عملاقة تهدف لرقي بلادنا.

وأرجو أن تدب النخوة في الكثيرين من أهالي المحافظات الأخرى ويقوموا بأكثر مما قام به أهل الزلفي، كما أرجو أن يستمر المشروع والمشاريع المماثلة لمئات السنين وذلك بعمل نظام ثابت للإدارة، والتمويل والتوسع المستقبلي لمثل تلك المشاريع، حتى يتلاقى كل مشروع في مدينة مع مشروع من المدينة المجاورة ومشروع كل قرية مع مشروع القرية الأخرى، كما يجب البدء بتثقيف الطلاب والطالبات في مدارسنا وجامعاتنا من حيث الثقافة البيئية، وخاصة في مدارس البنات لأنهم أمهات الأجيال القادمة.

ولذلك أرجو أن يقوم كل محافظ أو أمير أو أي شخص غيور من كل مدينة وقرية بدعوة المسؤولين عن المدينة أو القرية، وكذلك رجال الأعمال إلى اجتماع عام يناقشون فيه القيام بمشاريع مماثلة تهدف إلى تحسين صورة بلادنا لدى العالم الآخر.

كما أدعو الهيئة العليا للسياحة والهيئة الوطنية لحماية الحياة الفطرية وإنمائها بالعمل على توسيع نطاق مشاركة الأهالي وتضافر الجهود الحكومية، فاليد الواحدة لا تصفق، ونحن في حاجة لمؤتمر خاص يبحث في كيفية تطوير الجهود في بلادنا، لتكون متكاملة تنظر في كل صغيرة وكبيرة، وقد تساهم وزارة التخطيط بالتخطيط لإقامة مثل ذلك المؤتمر بالتعاون مع هيئة السياحة والهيئة الوطنية لحماية الحياة الفطرية ووزارة الزراعة.

فهل يزداد عدد الأبطال في بلادنا الغيورين على مملكتنا الحبيبة من مسؤولين ومواطنين.

وفق الله الجميع وبارك الله في هذا البلد المعطاء وأهله الطيبين وقيادته الحكيمة.

فيا أيها القارئ الكريم، كن واحداً من هؤلاء الأبطال وانشر فكر هذا المقال لمن يستطيع تنفيذ أحد أفكاره.

وللجميع تحياتي وتقديري، والله يحفظ الجميع من كل سوء، ودمتم سالمين.

للتواصل مع الكاتب:


Abdulmalikalkhayal@hotmail.com

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد