كنا قد تحدثنا بالأمس عن مفارقات العدالة الدولية، واتخاذ هذه المفاهيم الراقية كأوراق ضغط وابتزاز سياسي لدس الأنف الامبريالية في شئون الدول الداخلية عبر مغازلة تعقيداتها الداخلية وتركيباتها العرقية, وتحدثنا أيضاً عن غض الطرف عن ممارسات بعض الدول العنصرية وفي مقدمتها إسرائيل التي تتفنن في أساليب القمع والتعذيب الجماعي ضد شعب أعزل، أمام مشهد من العالم أجمع الذي يصيبه الخرس في مثل هذه الحالات فلا يحرك ساكناً.
اليوم وبعد أن أفرجت إسرائيل عن الجندي الذي ارتكب جريمة اطلاق النار من مسافة قريبة على معتقل فلسطيني معصوب العينين، يقودنا الحديث إلى القول: إن كل المراهنين على ديمقراطية إسرائيل وإنسانيتها إنما يناطحون الريح ويمارسون الغناء في دوامة الطواحين، فالاسطوانة المشروخة التي ترددها بعض الدوائر المتصهينة في الغرب حول أن دولة الاحتلال هي واحة الديمقراطية في غابة الدكتاتوريات قد أضحت بمثابة العار على من يرددها حتى أمام نفسه فالإسرائيليون أنفسهم لم يدعو فرصة لمريديهم للدفاع عنهم أو الذب عن ممارساتهم العنصرية.
ولعل خير دليل على ذلك هو الإفراج عن جندي الاحتلال بعد أقل من أربع وعشرين ساعة على اعتقاله، الذي أكد خلاله أن أمر اطلاق النار على الفلسطيني الأعزل جاء من قائد كتيبته والذي كان يقف بجواره والذي ماكان منه إلا أن نفى أصلاً علمه بوقوع اطلاق النار من عدمه، كل هذه التهربات وكل هذه التعتيمات توازيها تأكيدات منظمة بتسليم الإسرائيلية التي أكدت انها زرعت أكثر من100 كاميرا خفية في الضفة لتوثيق اعتداءات الجيش الإسرائيلي ضد الفلسطينين وأنها لا توثق إلا نقطة في بحر تلك الاعتداءت والممارسات العنصرية.
لقد أضحى الضمير العالمي ومفاهيم وتنظيرات العدالة الدولية تحت عين مجهر العدالة المكيولة بمكيالين، وباتت ممارسات إسرائيل بمثابة المحبط والملغي لكل من يقدم نفسه كمحام للفضيلة الدولية ومنافح عن معاييرها، إذا ما استمر في تجاهل بطش إسرائيل ولامبالاتها بكل قيم الإنسانية ومواثيق حقوق الانسان العالمية.
***
لإبداء الرأي حول هذا المقال، أرسل رسالة قصيرة SMS تبدأ برقم الكاتب«9999» ثم أرسلها إلى الكود 82244