يتمتع أبناؤنا هذه الأيام بالإجازة الصيفية وهنا يجب أن نغرس فيهم حب القراءة وننمي فيهم حسن التفكير وإعدادهم لمستقبل مشرق وبخاصة في مجال الثقافة وتبرز أهمية الكتاب ودوره في ترسيخ ثقافة الطفل والقراءة عملية ذهنية تختلف من فرد إلى فرد وحسب أمور متنوعة كثقافة المرء ووعيه ودرجة تعليمه والقراءة تحتاج إلى الصبر وتركيز الذهن.
ومن الملاحظ في هذه السنوات الأخيرة انصراف الشباب عن القراءة التي كانوا يهتمون بها حيث أطبقت عليهم مخترعات التقنية الحديثة وما تحمله من مغيرات أهمها الصحف والإذاعة والتلفاز ومشاهدة الفيديو ومباريات كرة القدم.
ولذا فقد انصرفوا عن القراءة الجادة المثمرة إذا لم تكن في أسلوب يشدهم ويجذبهم ويتغلب على ما يشدهم من هذه المغريات.. فالقراءة نور يضيء ويبدد ظلمات الجهل.. وسياحة عبر الكلمات والأفكار وصداقة فكرية وذهنية مع الكتاب.. وعملية تكوين وبناء فكري أساسي وتاريخنا الفكري مليء بالمحطات المضيئة في هذا المجال. وفي جلسة أدبية أخوية دار الحديث عن وسائل الثقافة والمعرفة وانصراف الكثير من القراء عن القراءة وعزا أحد الحاضرين أسباب ذلك إلى الصحافة وقال آخر الإذاعة وأردف أحدهم قائلاً: بل التلفاز، فقلت إن هذه الأدوات الثلاث من أدوات الثقافة والمعرفة وليست خطراً على القراءة.
نستطيع أن نستفيد من هذه الأدوات.. فقد أصبحت وسائل أساسية من وسائل الثقافة والإرشاد والتوجيه وبإمكان القارئ أن ينظم وقته بحيث لا يطغى جانب على جانب.. ثم قال أحد الحاضرين: لقد كنت فيما مضى أقرأ في كل أسبوع كتاباً أما الآن ففي كل شهر، بل في كل شهرين. فقلت له: ولماذا كنت على هذا الحال؟ قال: إن قراءة الصحف والمجلات أمتع للنفس والذوق. فقلت: إن الكثير مما يكتب في الصحف والمجلات ينقص أسلوب كاتبيه الجمال الأدبي في اللفظ والأسلوب وجودة المعاني وبلاغتها. ثم قال إني أستمع إلى الإذاعة أكثر من خمس ساعات في اليوم الأمر الذي صرفني عن القراءة حيث أستمع إلى البرامج الأدبية والاجتماعية وما تحمله من المشاهد والأخبار والتعليقات ومن ألوان العلم والأدب والفن بطريقة يسيرة سهلة لا تأخذ مني جهداً ولا إرهاق بصر أو تحمل عناء. إن بلورة شخصية الطفل ثقافياً ينطلق من الكتاب، والأسرة الواعية تربوياً واجتماعياً تشجع طفلها على المطالعة بشتى السبل وبعد فإن القراءة أداة للمعرفة والثقافة.. ولقد صور أبو الطيب المتنبي حقيقة أهمية الكتاب ومتعة القراءة وحين قال:
أعز مكان في الدنا سرج سابح
وخير جليس في الزمان كتاب
وعلينا أن ننشئ صداقة حميمة بين أبنائنا والكتاب واصطحابهم لزيارة المكتبات وتشجيعهم على تكوين نواة لمكتبة خاصة بهم في المنزل وتقديم الكتاب كهدية في المناسبات.