تقع مسؤولية استقرار صحتي اولاً على الوعي الصحي لدي، ومقدار ما أبذله من جهد نحو معرفة وسائل الوقاية والتمكن من الحفاظ على سلامتها بحرص الملاحظة والحذر دون مبالغة أو مزيد من الخوف، مدركاً أن صحتي ذات صلة بصحة من أعايشهم وأعيش معهم على مستوى الأسرة والمجتمع.
وصحتك أنت انعكاس ومحصلة لعافيتي كما هي الحال بالنسبة لي، فأنا وأنت لابد أن نخضع لمعادلة تبادلية في كل جهد من أجل صحة مستقرة، ومن البديهي أن هذه المعادلة أكثر وضوحاً وذات أثر بيّن مع الأمراض المعدية.
ومتى استقر الجهد المشترك بيننا بمسؤولية الوعي بذلك وتنفيذه حققنا مكاسب عدة، منها المساهمة في عافية أفراد المجتمع بكل طبقاته، وكذلك المساهمة في اقتصاد النفقات التي ستُصرف على العلاج.
ومتى تحقق ذلك فمن حقنا أن نطالب كل من هو مسؤول عن الرعاية الصحية سواء على المستوى الرسمي، أو الجهات الخاصة بكل واجبات الرعاية، وكافة الخدمات التي تؤمن الصحة والعافية للجميع.
ولا شك أن الجهد يبذل في هذا المجال من قبل الجميع، ولكن سمة التطور والتقدم ومواكبة المتميز تحتم المراجعة وإعادة البناء، والملاحظات التي يمكن أن تسجل يجب أن لا تكون هدماً لا يراعي ولا يثمن ما يبذل من جهد بل ذلك الذي يعلم على تطوره نحو جهد طبي متميز وصحة مستقرة للجميع.
ومن هنا أنا وأنت لنا ملاحظات، وسيأتي من بعدنا آخرون يشاركون في دفع عجلة التطور من خلال ما يقترحون أو يلاحظون، فأنا وأنت قد نتفق على بعض من الاقتراحات التي يمكن تسجيلها على النحو التالي:
أولاً: سيكون الأداء في مجال الرعاية الصحية على أفضل وأحسن حال متى تقرر أن تكون جميعها تحت مظلة واحدة، وذلك في مجال التخطيط، وفي هذا عائد لصالح المريض من حيث سهولة المراجعة، وتحديد الجهة المعالجة فضلاً عن التنسيق فيما يستخدم من أجهزة أو يستحدث من تخصصات.
وهذا لا يؤثر على استقلالية كل جهد، وإدارته وفق الجهة التي يتبع لها، فالقصد مظلة واحدة أي مجلس يجمع الأطراف المعنية للتشاور ووضع الاستراتيجيات وإقرار الخطط الأكثر مرونة وأعم فائدة.
ثانياً: إن القاضي والطبيب والمهندس (بمعنى المهن الخاصة) سيكون الأداء والقيام بالمسؤوليات وفق الأفضل حين التحرر من قيود تفرض في العادة على الموظف في قطاعات مختلفة، وذلك إلزام مفيد بينما لهؤلاء هو قيد عنيد، ولوضع الخطط والانظمة بالنسبة للطبيب فإن المظلة الواحدة السابق الإشارة إليها يمكن لها القيام بتلك المهمة.
ثالثاً: إعادة النظر في أجور من يعمل في مجال الرعاية الصحية وفق أنظمة متطورة ذات ابعاد مستقبلية تأخذ بالاعتبار إمكانية أن يستفيد من قدراتهم من يود من المرضى من خلال مراكز القطاع الخاص.
رابعاً: وضع قواعد وأنظمة تخدم المصلحة العامة بين مراكز القطاع الخاص ووزارة الصحة بحث تساعد وتشجع عملهم بدلاً من تعطيله، وبمعنى آخر إعادة النظر في الأنظمة الخاصة بمراكز القطاع الخاص المقره والملزمة.
خامساً: وضع خطة ملزمة تنظم كل العلاقات ما بين شركات التأمين ومراكز القطاع الخاص بهدف إعطاء أهمية قصوى للمريض والتوسع في خدمات التشخيص والعلاج، على أن تلتزم تلك المراكز بالأسس التي تحقق مصلحة المريض.
وإلحاقاً بهذا البند العمل على صياغة الأسس التي تخص مراكز القطاع الخاص وواجباتها التي يفترض أن تكون تكاملية مع ما تقدمه المؤسسات الحكومية في مجال الرعاية الصحية سواء أولية كانت، أو ما تقدمه المستشفيات الحكومية.
سادساً: المرونة بما يلزم في أنظمة الاستقدام من خارج المملكة على أساس يأخذ بالاعتبار إمكانية توفر ما يكفي من السعوديين، وإذا تعذر ذلك تحدد تلك التخصصات والأنظمة الخاصة بها من حيث الاستقدام بمرونة ويسر.
إن خدمة المرضى لها دوائر يمكن تحديدها وإعادة النظر في عملها وأنظمتها، وهي دوائر ذات علاقة متداخلة يفترض أن هذا التداخل وذلك الترابط يأخذ بالأيسر والمهم.
تلك الدوائر يمثلها المريض، والقطاع الحكومي تمثله المستشفيات ومراكز الرعاية الأولية التابعة لها، ومراكز القطاع الخاص وشركات التأمين - الأطباء السعوديين والمتعاقدون وبقية الكوادر المساعدة - والصيدليات، وأظن أن تحديد مهمة كل دائرة وتفعيلها بالحد الأقصى، ومن ثم تحديد علاقتها بالدوائر الأخرى، ربما حقق قفزة نوعية تريح المريض أولاً، ومن يعمل على رعاية صحته.
وبالنسبة للصيدليات فالأمر هام جداً جداً من حيث الالتزام بأنظمة تقيد صرف الدواء، فلا دواء إلا بوصفة من الطبيب، وما يمكن صرفه يعتبر من الأدوية العامة التي يجوز استعمالها برغبة المريض تلك التي يسمونها (الأدوية المحملة على الرف)، مثل بعض المسكنات وما يعالج الأعراض الظاهر أثرها البين للمريض داعي استخدامها، وأن لا يسمح لأي صيدلي بصرف دواء بناء على شكوى المريض؛ فهو متخصص في مجال الدواء وليس التشخيص والعلاج، ومهمته مراجعة ما يصرف من دواء حتى وإن كانت وصفة طبية قد يغب على الطبيب سهواً بعض من موانع تناول دواء مع آخر، وكذلك طرق الاستعمال وكل ما يسهو عنه الطبيب.
ومن مهماته تحضير بعض العقاقير بوصفة طبية، والمؤكد أن مهمة العلاج خاصة بالطبيب ولا يجوز من خلال لحظة عابرة أن يحدد من خلالها المريض مشكلته الصحية، ويقوم الصيدلي بصرف علاج لها وهو غير المؤهل لذلك.
إن مثل هذا التصرف يزيد من مشاكلنا الصحية والاقتصادية، كما أن الشهادات التي بموجبها يتم التعاقد مع بعض الصيادلة لا تكفي لقياس قدرته، وشرط أن تكون الصيدلية عائدة في ملكيتها وإدارتها لصيدلي سعودي قد لا يحقق الشروط السابق ذكرها من أجل حماية الصحة الجيدة للجميع.
جميع ما سبق ذكره ليس إلا إشارات سريع خطوها فيما تدل عليه، غير أن موضوع الصحة على كل المستويات ووفق تكامل كل الدوائر، وبأيسر ما يمكن من لوائح وأنظمة مقصد وهدف.
هذا كله عائد بالوقاية وسلامة التشخيص والعلاج وفق أدوار يؤدي واجبها أطراف في تعاونهم وتنظيم علاقاتها تستقر صحة المجتمع بالقدر الممكن والمتاح على أن نعرف هذا الممكن وذلك المتاح، والعمل على تفعيل كل إمكانات هذا المجال وفق مخطط متفوق يحقق نجاح الهدف إن شاء الله.