إنها مدينة القسطنطينية التي تحولت بعد فتحها إلى: إسلامبول، ومعناها مدينة الإسلام، ثم حرفت إلى استامبول.. مدينة جميلة تتميز بتاريخها العريق وموقعها المميز الذي يقع على نقطة التقاء الحدود بين أوربا وآسيا مما جعلها تجمع بين محاسن الشرق ومفاتن الغرب.. حتى قال نابليون: لو كنت أحكم العالم لاتخذت استامبول عاصمة له.. وقيل عنها أيضاًً: لو كانت الدنيا مملكة واحدة لكانت القسطنطينية عاصمة لها.

تأسست عام 330م على يد الإمبراطور البيزنطي قسطنطين، ولم تلبث أن أصبحت عاصمة الدولة البيزنطية، وأكبر مدن العالم وأكثرها أهمية لعدة قرون.

ولأهميتها ومكانتها العالمية فقد أخبر الرسول صلى الله عليه وسلم أنها ستفتح على يد المسلمين فقال: (لتفتحن القسطنطينية على يد رجل، فلنعم الأمير أميرها، ولنعم الجيش ذلك الجيش). مسند الإمام أحمد 4-335 .

وقد حاول كثير من الزعماء المسلمين على مر العصور أن ينالوا شرف فتح القسطنطينية، لكن ذلك لم يتحقق إلاَّ على يد المجاهد السلطان العثماني محمد الفاتح بن السلطان مراد الثاني، وذلك سنة 857هـ- 1453م بعد جهاد بطولي ومعارك ضارية وحصار قوي امتد ما يقارب الشهرين، أظهر فيه السلطان محمد الفاتح وجيشه العجائب من الشجاعة والتخطيط وفنون الحرب، وكان من أهم ابتكاراته الحربية التي لم يسبق إليها تسيير السفن الحربية على اليابسة للالتفاف على سفن العدو والوصول إلى القرن الذهبي عبر تلال مغطاة بأشجار الغابات، بحيث عمد السلطان إلى قطع الأشجار وتمهيد طريق مؤقت لزحلقة السفن على أخشاب متدحرجة يدفعها رجال جيشه الأقوياء، وتجرها الخيول حتى تمكنوا من سحب سبعين سفينة حربية متوسطة إلى صغيرة الحجم، وكان هذا العمل من معجزات محمد الفاتح التي أذهل بها أهل القسطنطينية.

واليوم تعد استامبول من أكثر مدن العالم استقطاباً للسياح، جعلت تركيا تحتل الترتيب الثاني عالمياً باجتذاب السياح بعد إسبانيا، ومن الجميل أن الجامع بين أكبر بلدين لاجتذاب السياح في العالم هو التاريخ الإسلامي وآثاره الخالدة.. ومن أبرز الآثار الإسلامية في استامبول الجميلة مساجدها التي يأتي في مقدمتها مسجد محمد الفاتح، ومسجد السلطان أحمد، وقصر طوب قاي الذي يعد متحفاً إسلامياً يضم بين جنابته مجموعة كبيرة من الآثار الإسلامية النادرة، كما يعد إرشيفاً وثائقياً متميزاً، وخزانة لوثائق السلاطين العثمانيين لكونه مقر الحكم منذ فتح القسطنطينية. ومن المعالم العالمية البارزة الأرشيف العثماني المسمى: إرشيف رئاسة الوزراء والذي يعد أكبر ثالث أرشيف بالعالم يتضمن وثائق الدولة العثمانية منذ إنشائها عام 669هـ، ولهذا فهو مقصد الباحثين والمؤرخين من أنحاء العالم. وفي استامبول أماكن ومعالم إسلامية أخرى لا يتسع المجال لسردها.