د. حسن الشقطي(*)
أغلق سوق الأسهم هذا الأسبوع عند مستوى 9481 نقطة خاسراً 181 نقطة عن مستواه الأسبوع الماضي.. وتأتي هذه الخسارة في ظل حالة الضعف التي اعترت السوق والمؤشر نتيجة لحالة الترقب الشديد لإدراج مصرف الإنماء والتي ازدادت حدتها منذ صباح الاثنين الماضي كنتيجة لتوقعات أو تسرب خبر إدراجه الذي أعلن عنه رسمياً في اليوم التالي مباشرة (الثلاثاء).. ومع ذلك، فقد أغلق السوق على صعود تجميلي طفيف يوم الأربعاء.. ولا تزال حالة وهن السوق متوقعة خلال أيام التداول الثلاثة المقبلة والسابقة لموعد الإدراج، التكهن باستمرار وتزايد هذا الضعف نتيجة سياسة التهويل التي يتبناها بعض المتداولين من وقع إدراج الإنماء.. وهو الأمر الذي يثير المخاوف من كيفية سير حركة التداول بدءاً من يوم الثلاثاء في ظل هذا التشاؤم الشديد حول مسار السوق وخطى الإنماء في أيامه الأولى.. ورغم حالة الوهن العام، فقد طرأت اضطرابات أكثر حدة على أسهم وقطاعات معينة بالسوق، من أبرزها تلك التي أصابت القطاع البنكي عموماً وسهم البلاد خصوصاً. ومن جانب ثالث، فقد صرحت شركة الاتصالات السعودية بأنها فقدت 40% من سوقها كنتيجة للمنافسة الجديدة رغم ما أدت إليه من تحسن خدماتها، وهنا نتساءل إذا كانت الشركة خسرت 40% من سوقها في ظل تشغيل شركة موبايلي فقط، فكيف ستكون هذه الخسارة عند تشغيل المشغل الثالث؟.. أيضاً لم تتمكن شركة إعادة من تحقيق سوى ربح 85% في أسبوعها الأول.. بعد عام من التعود على ربح الـ 1000% الذي تزامن مع حدوث اضطراب وخسائر لكامل أسهم القطاع (باستثناء سايكو).. فهل بدأ تصحيحه بالفعل؟
كيف يكون السوق في ظل إدراج الإنماء؟
لقد بدأت رحلة الضغط على السوق بسبب الإنماء منذ أسبوعين، ولا تزال هذه الضغوط تتزايد، ويتوقع أن تصل مداها خلال الأيام الثلاثة المقبلة، والتي (كما يحدث في كل مرة) ستمثل فترة مصيدة التجميع.. رغم أن المؤشر سيكون في نزول فإن التجميع في كثير من الأسهم والقطاعات سيكون عالياً، وربما ينتهي هذا التجميع يوم الإدراج، ذلك اليوم الذي في الغالب يصعد فيه السوق، وهنا تبدأ رحلة التصريف العكسية. وفي كل مرة لا يتمكن صغار المتداولين من التعامل بالقدر الكافي من الوعي، بل يخرجون عند الاحمرار ويدخلون عند الاخضرار... ورغم الضغوط التي يتوقع أن يشهدها المؤشر والذي في أسوأ الظروف قد يصل إلى مستوى الـ 9000 نقطة، فإنه يتوقع أن يعاود صعوده وتعويض خسائره في ظل الدخول القوي في الإنماء.. وعليه، فنرى أن الابتعاد عن الشاشة حتى يوم الثلاثاء قد يكون مناسباً لمن لا يجيدون التعامل مع هبوط السوق إن حدث لا قدر الله.
الإنماء في أيام إدراجه الأولى
مصرف الخير والمخيف ومقبرة السيولة كلها عبارات انتشرت الفترة الأخيرة نتيجة للجدل الكبير ما بين المتداولين حول رؤية مصرف الإنماء، فالمصرف لا غبار في أنه يمثل أحد المصارف التي ستعمل وفقاً للشريعة الإسلامية وأحد الأسهم الاستثمارية المدعومة من الحكومة لخدمة المواطنين، ولكن كل ذلك لا يكفي لكي ينال الثقة ويحث على التمسك به طويلاً من وجهة نظر بعض المتداولين.. فالمصرف بنك ناشئ يحتاج لبضعة سنوات لكي يتحرك ويبدأ في إنتاج مربح يستفيد منه المساهمون، فالحاجة لعام إلى ثلاث سنوات لكي يبدأ القول بأن المصرف بدأ ينطلق في رحلة الربحية وعطاء الاستثمار، لذلك الاستثمار في المصرف الجديد يبدو غير جذاب للفئات التي تستعجل الربح، أو التي لا تسمح ظروف توافر السيولة لديها في الانتظار لسنة لجني ربح المصرف.. فلو افترضنا أن هناك نسبة تصل إلى 20% من المكتتبين قاموا بالاكتتاب من خلال الاقتراض أو المديونية أو سلف من هنا أو هناك، فإننا نستنتج أن هذه النسبة كحد أدنى ستفكر في البيع في اليوم الأول أو خلال الأسبوع الأول بحد أقصى، وهناك نسبة أخرى ستفكر في البيع ليس لسداد دين ولكن للوفاء بمتطلبات استهلاكية، كل ذلك سيتسبب في ضغوط على السهم خلال أيامه الأولى، في المقابل، هناك محافظ تمتلك فائضاً في السيولة وهي تترقب فائض عرض لاقتناص السهم بأقل الأسعار لبناء مراكز استثمارية فيه.. إن الظروف سواء الطبيعية أو المفتعلة تخدم مصالح كبار المستثمرين وأيضاً مصالح كبار المضاربين الذين يتطلعون للتجميع في الإنماء، لذلك، فالمتوقع أسعار غير عالية لإغلاق السهم في بداية أيامه، وبخاصة أن الصنَّاع من المؤكد سيسعون لاستخدام الإنماء كإحدى ركائز السوق، وبالتالي فلن يسمحوا بصعود فقاعي له.. وإذ نرى ما يحدث من تخويف مشابه لما حدث مع إدراج المملكة، وبعدها اكتشف الجميع أن التخويف كان مبالغاً فيه وبلا مبرر، والمتوقع مسار سعري للإنماء مشابه لسهم جبل عمر في أيامه الأولى.
الإنماء ينعش سوق الصفقات الخاصة لسهم البلاد
أدرج سهم البلاد في بداية مايو 2005 وصعد سريعاً حتى وصل إلى مستوى 187 ريالاً، ومع بدء أزمة التصحيح في بداية 2006 ورغم أن السهم كان حديث العهد بالسوق، فقد خسر السهم خسارة كبيرة ليصل سعره مع بداية عام 2007 إلى مستوى يقل عن 30 ريالاً، ثم دخل في مرحلة خمول شديدة تسببت في تعليقة طويلة للكثير من المساهمين فيه ممتدة حتى الآن، إلا أن سهم البلاد من الأسهم القليلة التي تتم عليها صفقات خاصة - يبدو أنها تتم خارج نطاق السوق المنتظمة -.. فإذا استعرضت بيانات أسعار الإغلاق والكميات المتداولة على مدى السنوات الثلاث الأخيرة ستجد قيماً كبيرة واستنفاراً قوياً في الكميات المتداولة داخل 6 إلى 8 أيام تداول فقط تقريباً.. بشكل يؤكد وجود بضعة صفقات خاصة وضخمة تمت على السهم.. جميعها تفوق الـ 10 ملايين سهم في الصفقة الواحدة، حتى وصلت في يوم 12 ديسمبر 2007 إلى 16.4 مليون سهم في تداولات في يوم واحد، وخلال الأسبوع الماضي خسر السهم 10% من قيمته، وازداد الجدل من جديد حول وجود صفقة خاصة وجديدة حول السهم، والغريب أن الحديث يدور حول سعر خاص بعيد عن سعر التداول المعلن في السوق.. إن إدراج الإنماء في حد ذاته قد لفت الأنظار من جديد لبنك البلاد حيث إنه أكثر الأسهم شبهاً به، فالبعض يرى سهم البلاد كنموذج للسهم الخامل الذي يمكن أن يصيب الإنماء، فهل يسحب البلاد مصرف الإنماء إلى خموله.. أم أنه يمكن أن يكون معه جيلاً جديداً من البنوك الإسلامية النشطة؟
الأزمة المفتعلة.. التشييد والبناء في صعود
والتطوير العقاري في هبوط!!
الواقع الاقتصادي يشير إلى وجود طفرة عقارية في الوقت الحالي ربما تثير مخاوف البعض إلى الحد الذي يشبهونها فيه بالفقاعة العقارية، فأسعار العقارات تضاعفت خلال العام الأخير بشكل ملفت للنظر، لدرجة يعتقد معها بأن ارتفاع إيجارات المساكن في المملكة هي بداية وأساس التضخم المستفحل حالياً، ورغم كل ذلك، فلم يتفاعل قطاع التطوير العقاري مع سوق الأسهم التفاعل المنطقي، بل على العكس دخل خلال الشهور الستة الأخيرة في مسار هابط تم فيه خسارته لنحو 4% من قيمته، الملفت للنظر أن قطاع التشييد والبناء الذي يفترض أنه القطاع الذي يغذي قطاع التطوير العقاري بمدخلات صناعته ربح خلال نفس الفترة حوالي 24%.. فهل هذا الضغط المفتعل على قطاع التطوير العقاري ناتج فعلاً عن مخاوف انفجار فقاعة العقار.. أم أنه ضغط مفتعل للتجميع في أسهمه.. وهل آن الأوان لانطلاق هذا القطاع الواعد؟ إن المنطق يؤكد أن المضاربين في السوق تحكمهم عوامل مضاربية، وبالتالي فإن استبعاد قطاع استثماري هام مثل التطوير العقاري فهو لأغراض المضاربة، إن حجم الاستثمارات في السوق العقاري تفوق التريليون ريال، وهي استثمارات حقيقية، وتقوم على مشتريات لأراضٍ أو مبانٍ أو لتطويرهما، وبالتالي فإن استثمارية قطاع التطوير العقاري يتوقع أن تفرض نفسها أو يفرضها المجمعون فيه قريباً.
(*) محلل اقتصادي
Hassan14369@hotmail.com