الظلم طغيان تدفع به نفوس غير سوية، وعقول ترى أن ظلم الأعلى جوهرهُ معصية وتمرد، ولمن هو أدنى بداعي التسلط والقوة والغلبة، وظالم آخر لديه الاستعداد أن يظلم فيظاهر الظالمين ويمارسه بقوة غيره، وبيدٍّ لا فؤاد أو قلب يردعها.

يفرض الظلم فرد على آخر، وكذلك أمة على غيرها، فتظلم وتبطش بسلاح القوة الغاشمة الذي يدفع به قلب جفّ من الإحساس، ونفس تطمع في حقوق الغير، فالغاية لديهم تبرر الوسيلة، حتى وإن أدركوا أنه ظلم بيّن.

والأمثلة كثيرة، والأرض عامرة بالظلم الذي طغى واستبد، وجارَ على العدل ليصبح العدل من عجائب الدنيا، فهو نادر لا يستجيب لدواعيه إلا من اتقى، والنفس منه عامرة بالخير، وتحس بالغير كما تحس بذاتها، ومن عجائب الظلم وطغيانه أن تجد فرداً أو دولة تتسلط ظلماً بدافع ما تشتهيه الأهواء، ويتم ذلك جهاراً وبلا خشية أو حياء يخجل العقلاء والأسوياء من الناس أن يفهموه، إننا لا نفهم ما يظهره مناصرو الظالم بالقول والعمل، ومن ذلك دول كثيرة تمنح تأييدها وتآزرها لظالم هو أول من يدرك ظلمه، وإن وفقنا إلى فهم شيء من هذا الانحياز فلن تكون محصلته بأكثر من تأكيد أن هؤلاء يمارسون الحياة ومعاملة معانيها المتميزة بغرائزهم، فالعقول جمدت ودفن وعيها في الأعماق من جبال الثلوج.

ومَن سلوكه محكوم بغرائزه المتوحشة رديئة المنبت الملبدة بكل أنواع الشرور، فإن حادي هذا السلوك ذات تعالت على كل ذات إنسانية، وانعدمت منها وفيها معطيات الحس الروحي، فلا حاسب ولا محسوب في منظومة كيانه.

نحن في عالم ينسى التاريخ، ورجاله ونساءه، فلا واعز ولا اعتبار للنتائج، ولا حكمة عقل تشير إلى أن نهاية الظالم مهما طال ظلمه محرقة لوجوده، وهزيمة ساحقة لكل الدوافع والنتائج، إنهم يتناسون (نيرون) و(جنكيز خان) وقد لا يعرفون ذلك العظيم الملقب (بالفاروق رضي الله عنه)، ولا يعلمون بالمهمات التي أخلصت بأدائها (الشفّاء القرشية)، وفي المقدمة من هذا التجاهل كل تعاليم الأديان، وكذلك فطرة الإنسان.

إن الرخاء والأمن في النفس والوجود يكمن في انتشار العدل وحكمه، فالنفس السوية والعقل المتزن لا يضيرهما أن ينعم الغير بكل المعطيات التي تحقق المساواة والأمن والرخاء ليتطور كل ما في الإنسان ويرقى إلى تمنيات السمو والاستقرار.

تأتي هذه العجالة من واقع حالة التباين على الأرض المحتلة من فلسطين سواء تلك التي يقطنها أهلها، أو تلك التي سكنها المعتدي حيث يتصور أن ظلمه وعدوانه باقٍ ما بقيت الأرض، إنه تباين لا أظن أن له مثيلاً في كل أرجاء المعمورة، هذا التباين مكانه أرضنا، فالمعتدي يحتفل بمرور ستين عاماً على ما يسمى (قيام دولة إسرائيل)، وصاحب الحق يحتفل بنتائج الظلم والعدوان، وما أثمرت به النكبة والاغتصاب.

إن ضمير أكثر الناس تبلداً يراجع نفسه بل يعاتبها على الخطأ والخطيئة في سبيل إصلاح ما فسد، ومع ذلك نرى أن من أعطى ما لا يملك يعتبر أن أكبر إنجاز تم في القرن العشرين يتمثل في قيام دولة (إسرائيل)، وليس غريباً على دولة كتلك حيث أذلت شعوباً، ونهبت خيرات، وسحقت ممالك أن تعتبر قيام الدولة المزعومة أهم إنجاز هي التي مهدت وفعّلت له، فالظلم يتقاسم أزره الصانع والمصنوع.

رحم الله كل الشهداء، وأمدّ بنصره كل المجاهدين الشرفاء في الدفاع عن الأرض والمال والشرف، وذلك الصمود استثناء متميز بحول من الله سيرفع لواء العدل، ويسحق الظالم، فيدّ الله أقوى من يدّه.

وقد قيل عن الظلم:

وقال آخر:

وقال آخر:

وقال صالح بن عبدالقدوس: