Al Jazirah NewsPaper Friday  16/05/2008 G Issue 13014
الجمعة 11 جمادى الأول 1429   العدد  13014
حولها ندندن
النكوص
د. جواهر بنت عبدالعزيز آل الشيخ

حينما سقطت فارس على أيدي المجاهدين المسلمين واضطرت للدخول في الإسلام المنتصر الموحد، وجد أهلها صعوبة في الجمع بين معتقد التوحيد وبين العقائد المجوسية المتأصلة فيهم تأصل السنين، حتى خلط الكثير منهم بين الإسلام والعقائد المجوسية الأخرى، وما زال العديد منهم يخلطون حتى تكونت ديانات أقرب للكوكتيل الذي يصب في إناء زجاجي يسمى جدلاً بالإسلام.

ولكنه إسلام فارسي شق المسلمين إلى شقين بحسب النظرة الكسروية المتعالية التي لم تطق أبدا الانضواء تحت لواء البدو الذين كانوا تابعين لها قبل الإسلام، فأصرت بتعصب أن يستمر دورها الكسروي بأية وسيلة كانت، فلم تجد إلا ارتداء العمامة النبوية الشريفة، مظهراً لا جوهراً.

وأكبر دليل على ذلك هو نكوصهم المعاصر نحو العنجهية القديمة، ممثلة في خلق مشكلة من لا مشكلة، مثل جعجعتهم بمشكلة (تسمية الخليج) وإصرارهم على إرغام العرب أن يسموه بالخليج الفارسي، مع أن العرب المشاركين لهم في سكنى الخليج لم يحاولوا إرغام جيرانهم الفرس على تسميته بالخليج العربي ولم يحاولوا مطلقاً إثارة هذه النعرة العصبية التي حاربها الإسلام!

لأن الأمر أبسط من التضخيم الذي ضخمته إيران فالعرب أحرار أن يطلقوا عليه الخليج العربي، والإيرانيون أيضاً أحرار في الإصرار على تسميته بالفارسي، فكل يحكم عليه من منطلق رؤيته وقطناه، مثلما أن العرب من حقهم أن يصروا على إبقاء اسم فلسطين على الأرض المحتلة بينما يطلق الصهاينة عليها مسمى دينياً حسب عقيدتهم اليهودية المحرفة.

ولا يستدعي الأمر كل هذا التهويل من إيران التي تقول إنها دولة إسلامية وتدافع عن مصالح المسلمين، وهي في الواقع تسعى لمصالحها الخاصة حتى لو أدى بها الأمر أن تدمر علاقاتها بالمسلمين وفي مقدمتهم الدول المجاورة التي تحلم حلماً علنياً بابتلاعها وإعادة مجدها الكسروي البائد ولكن تحت مسمى ديني.

إلى حدّ أن أحد أمراء الخليج الذي توهم يوماً أن رضا فارس ليس كرضا اليهود والنصارى، ذهب لتهنئتهم بإنجازهم النووي الذي رأى متفائلاً أنه يخدم المصالح العامة للخليج العربي، فرد عليه الرئيس الإيراني منتهراً دون مجاملة: ألم تقرأ أيها الأمير أثناء المرحلة الابتدائية في خارطة مادة الجغرافيا بأن اسم الخليج هو الفارسي وليس العربي؟ فبهت الزائر العربي الطالب للقرب البعيد المنال واضطر للصمت الدبلوماسي بدل الجواب على هذا السؤال العجيب!

لا ندري كيف أعمت العصبية الشعوبية إيران عن مفهوم يسير وهو أننا أيضاً درسنا في مادة الجغرافيا صغاراً وكباراً بأن الخليج هو عربي مثلما درسوا أنه فارسي، فهل توهموا أنهم مسيطرون حتى على مناهجنا الدراسية؟

ولكن الفرق بيننا وبينهم أنهم مستميتون في عودة ماضيهم ولو بتصعيد الأمور الشكلية ناهيك عن الأمور الخطيرة، بينما نحن نمد أيدينا دون يأس نحو أحضان عديدة لن تتلقانا أبداً إلا برغبة كسر الأضلاع!

ولكن السؤال: أليس غريباً من ملالي إيران أنهم يدّعون الانتماء لآل البيت الأخيار وهم العرب الأقحاح، ويرتدون عباءة وعمامة النبي العربي، وفي نفس الوقت يستكثرون أن يطلق على موقع من المواقع اسم يرمز للعروبة التي هي لغة القرآن والسنة وأهل الجنة؟ ألا يعد هذا تناقضاً يساهم في تصعيد يتطاير شرره على الجميع؟!



g.al.alshaikh12@gmail.com
لإبداء الرأي حول هذا المقال أرسل رسالة قصيرة SMS  تبدأ برقم الكاتب 9701 ثم إلى الكود 82244

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد