Al Jazirah NewsPaper Friday  16/05/2008 G Issue 13014
الجمعة 11 جمادى الأول 1429   العدد  13014
أبناؤنا وألعاب الكمبيوتر

منذ خمسينيات القرن الماضي، ظلت الدراسات حول تأثيرات العنف المشاهد في وسائل الإعلام تتوالى مع اختلاف الدول التي أجريت فيها تلك الدراسات، والمناهج المستخدمة فيها، والنتائج التي خرجت بها. بل إن بعض تلك الدراسات أجريت داخل مختبرات خاصة للتحكم بالمتغيرات الأخرى ذات التأثيرات المحتملة على السلوك.

ومن هذه الدرسات، دراسة أجريت في عام 1956م على 24 طفلا، نصفهم شاهد فيلما كارتونيا عنيفا، والنصف الآخر شاهد فيلما كارتونيا خاليا من العنف.

وبعد المشاهدة مباشرة، أخذ الباحثون يتابعون بدقة تصرفات الأطفال أثناء لعبهم في غرفة للألعاب، ووجدوا أن الأطفال الذين شاهدوا الفيلم العنيف يتعمدون ضرب زملائهم الآخرين، كما أنهم لا يترددون في تكسير اللعب التي أعطيت لهم.

ولم يتوقف هذا النوع من الدراسات حتى يومنا الحاضر، وآخرها دراسة علمية استغرقت عامين من البحث والدراسة والرصد تؤكد أن ألعاب الكمبيوتر التي تحتوي على مشاهد عنف تفوق خطورتها خطورة مشاهدة أفلام العنف والرعب في التلفزيون، وتوضح الدراسة أن هذه الألعاب تمثل السبب الأكبر لارتكاب الجنح الصغيرة مثل ضرب الآخرين والتخريب والسخرية من الأقران والسطو على ماكينات البيع الآلي في الشوارع، وما إلى ذلك من أنواع السلوكيات العنيفة.

هذه الدراسة التي نشرت في العدد الأخير من الدورية الألمانية الشهرية (جيو فيسن) تدعم نتائج دراسة علمية أخرى أعدها البروفيسور كريج أندرسون بجامعة ولاية أيوا عام 2007م، وراجع فيها عشرات الأبحاث في هذا الخصوص، ووصل إلى نتائج مشابهة.

ومن المعلوم أنه لا يكاد بيت من بيوتنا يخلو من ألعاب الكمبيوتر التي يقضي أطفالنا معها ساعات عدة على مدار اليوم والليلة، ومع الأسف الشديد فإن سوق الألعاب الالكترونية متخمة بألعاب كثيرة جدا تحتوي على مشاهد عنف بين تدمير وسرقة وقتل، حتى أن بعض الألعاب الشهيرة تحمل مسميات غير مقبولة، كاللص، والمدمر، والمشاغب وغيرها، ويكون بطل هذه الألعاب الطفل أو المراهق الذي يتحكم بسير أحداث الأشخاص في اللعبة، وهذا ما يضاعف من خطورة هذه الألعاب على سلوكيات النشء.

وهذا يحتم على المتخصصين لدينا في مختلف المجالات النفسية والاجتماعية والأمنية متابعة هذه المسألة، والتواصل مع الجهات المعنية باستيراد مثل هذه الألعاب، للحد منها على أقل تقدير، حفاظا على مجتمعنا من ظاهرة العنف بمختلف جوانبها.








 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد