لبنان - خاص ب(الجزيرة)
أكد فضيلة الشيخ محمد علي الحسيني الأمين العام للمجلس الإسلامي العربي في لبنان أن أمر خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود - حفظه الله - بتنفيذ مشروع توسعة (المسعى) لاستيعاب أعداد أكبر من الحجاج والمعتمرين ليتمكنوا من أداء نسك الحج والعمرة بكل يسر وسهولة وأمن وأمان يجيء ليجسد السياسة الحكيمة في خدمة الإسلام والمسلمين التي ينتهجها ولاة أمر المملكة العربية السعودية منذ عهد مؤسسها الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود - رحمه الله - مروراً بعهود أبنائه الملوك البررة - رحمهم الله تعالى - وحتى العهد الزاهر عهد الملك عبدالله بن عبدالعزيز - أطال الله في عمره.
واستنكر فضيلته في تصريح صحفي ل(الجزيرة) الضجات المفتعلة التي يبعثها المغرضون ويحمّلون جهة من الجهات مسؤوليات لم يأمر بها الله ولا رسوله - صلى الله عليه وسلم، بل هي مخالفة لآيات القرآن الكريم، والحديث الشريف، والسيرة النبوية، مستغرباً تلقف الإعلام هذه الآراء والضجات، مشيراً إلى أن ما نفذ في هذا الأمر هو المشروع الكبير الذي تقوم به المملكة بأمر مليكها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز لتوسعة المسعى، ومبيناً في الوقت نفسه أن أي مشروع يتعلق بالحرم المكي أو الحرم النبوي لا ينفذ إلا بعد البحث في مشروعيته والرجوع فيه إلى القرآن الكريم ونتبعه بالحديث الشريف، ثم الرجوع إلى رأي علماء المسلمين من المفسرين والفقهاء ونبني رأينا بناء على ما جاء في هذه الأصول.
وأورد الحسيني بعضاً مما ورد في كتاب الله تعالى، بقوله: أما القرآن الكريم فقد أمر الله في آياته الكريمة الكثيرة باليسر والابتعاد عن العسر، ومن هذه الآيات الآمرة باليسر قوله تعالى: (يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ اللّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ)، وقوله تعالى: (إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَآئِرِ اللّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ). وقوله تعالى: (فَقُل لَّهُمْ قَوْلاً مَّيْسُورًا) وقوله تعالى: (فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا)، وقوله تعالى: (فَإِذَا أَمِنتُمْ فَمَن تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ)، وغير هذه الآيات كثير تأمر باليسر والابتعاد عن العسر في كل شيء، ويأمر الله فيها رسوله الكريم - صلى الله عليه وسلم - التمسك باليسر والابتعاد عن العسر في كل أمر من الأمور صغيراً كان أو كبيراً.
وأضاف فضيلته قائلاً: إن الله أمر المسلمين باليسر في كل ما يسر على المسلمين أمورهم، وسهل عليهم في تأمين حوائجهم ولم يحرجهم في أمر من الأمور إلا إذا كان يخالف ما أمر الله به، وعندها يأمر المؤمنين بشكل صارم أن يتبعوا أمر الله سبحانه ومن حاد أوامر الله لقي العقوبة التي يستحقها. وقد جاء في السيرة أن رسول الله سأله المسلمون أسئلة كثيرة فأجابهم النبي: (افعلوا ولا حرج)، فما سأله واحد في ذلك الموقف إلا أجابه النبي (افعل ولا حرج)، وركز رسول الله على السير في تأمين المسلمين والتيسير عليهم حين يضطرون إلى شيء ما لا يخالفون فيه أمور الدين، ويدلهم على الطريق اليسرى، ويبعدهم عن العسرى. ووسع عليهم حتى في الأمور البسيطة مركزة على قاعدة الاضطرار التي أساسها الآية القرآنية القائلة: (فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلاَ عَادٍ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ).
وأعاد الشيخ الحسيني التأكيد على أننا الآن نسير في رأينا على ما جاء في القرآن الكريم وتبعاً لأوامر الرسول الكريم ونواهيه، حيث لا يمكننا الابتعاد شعرة واحدة عن القرآن والسنة، فالسعي بين الصفا والمروة ليس حكماً توقيفاً لا يمكن الحياد عنه، ولا النظر فيه، بل هو أمر قابل للدراسة والاجتهاد والتوسعة بحسب الزمان والمكان، وقال: لقد ضاق المسجد الحرام بالحجيج من قبل وتمت توسعته والرخصة الشرعية فيه كما هو الحال في الطواف خارج عن مقام إبراهيم عليه السلام، وكذلك الرخصة بالنسبة لصلاة الركعتين خلف مقام إبراهيم فجاءت فتوى العلماء بجواز الصلاة في أي بقعة من المسجد من باب الاضطرار والتوسعة والتيسير، وكذلك الحال بالنسبة لرمي الجمرات فتم توسعتها وتكبيرها تسهيلاً وتيسيراً وحفاظاً على سلامة وحياة الحجيج، وفي هذا العام الذي بلغ عدد الحجيج أكثر من مليوني نسمة بينما لم يتعد عددهم في زمن الرسول ومن بعده عدد الأصابع في اليد الواحدة من الألوف.
وأشار الأمين العام للمجلس الإسلامي العربي في لبنان إلى أن المسلمين إذا لم يفكروا بطريقة لتأمين حجاج بيت الله الحرام وعدم تعريضهم للموت اختناقاً أو دوساً بالأرجل في ازدحام شديد وسرعة هائلة يضعف بها الشباب أولو العزم، فكيف بالشيوخ الذين بلغ الكثير منهم من العمر عتياً، واشتعل رأسهم شيباً وكلَّت عزيمتهم وأنهكت قواهم فعل الزمن. فلابد من العمل باليسر الكبير لتأمين هذه الأعداد التي يخشى على كثير منها الموت من الازدحام، ولابد من القول بأن رأي القائلين بالتوسعة في المملكة وعلى رأسهم خادم الحرمين الشريفين - وفقه الله لكل خير - لابد من القول: بأنه الرأي الصائب والحق وتركه إضرار بالمسلمين.
وأبان فضيلته أن الدين أمر أولي الأمر بالتوسعة على كل مسلم والتيسير عليه، وبذلك ميزة يسر الإسلام وأنه الدين الصالح لكل زمان ومكان، ولا يجوز التقصير في تأمين أمور الحجيج والحفاظ على حياتهم إلا إذا جاء أمر جازم.
واعتبر الشيخ الحسيني - في ختام تصريحه - الخطوة التي تقوم بها المملكة في توسعة المسعى بأنها خطوة حكيمة ومدروسة ومن صلب الشرع الشريف، فسير المملكة العربية السعودية في توسعة الحرم بين الصفا والمروة هو الطريق الأقوم والأفضل والأسلم بل هو المطلوب والمطالب به، والذي سيدعو الحجاج أن يتوجهوا إلى الله بالدعاء أن يعين المملكة ومسؤوليها على السير بخطى سريعة في سبيل خدمة الحجيج.
ورفع فضيلته باسم المسلمين في لبنان الشكر والامتنان للملك عبدالله بن عبدالعزيز وللقائمين على هذا المشروع الكبير لا سيما حين نقدر الكلفة الكبيرة التي ستدفعها المملكة في سبيل خدمة الإسلام والمسلمين في هذا المشروع الذي يؤمن مصالح المسلمين.