Al Jazirah NewsPaper Friday  16/05/2008 G Issue 13014
الجمعة 11 جمادى الأول 1429   العدد  13014
نقاط فوق الحروف
مظاهر حقوق الإنسان في شعيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
أحمد بن قاسم الغامدي

إن كان لدولة في العالم أن تفخر بما لديها من مؤسسات ومفوضيات تنادي بحقوق الإنسان، فإن لهذه الدولة الفخر بإقامتها لهذه الشعيرة وإحيائها للتشريعات الربانية، والقيم الدينية التي تحمي حقوق الإنسان وتعززها وذلك من خلال تطبيقها للكتاب والسنة في كافة شؤون الحياة، لقد حمت الشريعة حرية الإنسان في دينه وماله وعرضه وكرامته، وجعلت انتهاك حقوقه انتهاكاً لحرمات الله، قال سبحانه وتعالى {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً}

ومما شرع لحماية حدود تلك الحرية للفرد والجماعة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وقد فضل الله هذه الأمة وهداها إلى ما يحقق لها الخيرية بهذه الشعيرة التي هي ركيزة من ركائز حفظ حقوق الإنسان. قال سبحانه وتعالى {كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ}، فجعل سبحانه القيام بواجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر خيرية لهذه الأمة لما تقدمه في سبيل ذلك من حماية للفرد والجماعة وإيصال الخير إليه فبهذه الشعيرة يصلح الله أمر العباد في معاشهم ومعادهم عقيدة وعملاً وخلقاً.

إن إرشاد الناس ونصحهم، وحثهم على التمسك بأركان الإسلام وأدائها، والنهي عما يحول دون ارتكاب المحرمات والممنوعات شرعاً أو اتباع البدع المنكرة والعادات السيئة، عمل الرسل والأنبياء من قبل ونبينا محمد صلى الله عليه وسلم الذي ختم الله به الرسالات وكانت أمته من بعده مكلفة بأن تقوم بواجبات الدعوة على هديه عليه السلام، إن هذا الواجب يتجسد فيه رعاية الإنسانية والإنسان وحمايته مما يضره ويفسد عقله ودينه ونفسه وعرضه وكرامته، فالأمة القوية هي التي لا تسمح بظهور الفساد في مجتمعاتها بحيث يصير سهل التناول سواء كان ذلك في أصل الدين وهو التوحيد أو في شعبه الأخرى فيحمل الناس على الفضائل والبر بعد القيام بالواجبات، وحينئذ يبقى أصل الرسالة صحيحاً فيصل من جيل إلى جيل كما أمر الله به في الذين آمنوا ويقوي الفرد فتقوى الجماعة وتنسد الأبواب أمام ضعفاء النفوس فينحسرون ويستترون بما يضر مجتمعهم في معتقد أو عمل أو خلق.إن القيام بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يضع سياجاً منيعاً للأمة عن توسع الجريمة وانفلات الأخلاق، وكذلك من خلال الكثير من الأعمال فمنها مراقبة الأسواق والحدائق والأماكن العامة من الوسائل الوقائية التي تحول دون وقوع المنكرات والجرائم المخلة أو تفشي المسكرات والمخدرات وما يفسد أخلاق الجنسين بأي صورة من الصور المحرمة كالمعاكسات والخلوات المحرمة، أو شيوع المخالفات التجارية التي تدعو إلى ما يخالف شعائر الدين الإسلامي، إن المجتمع الذي يتداعى لفعل الخير ويتناهى عن الشر ويتعاون على دفعه، يحوز خيري الدنيا والآخرة والكرامة التي يرتضيها أولاً كإنسان ثم كعبد لله في رحاب الإيمان والعمل الصالح فيفوز في الدارين.إن كل إنسان ينشد العزة والقوة في حياته كما ينشد الفوز في آخرته، وقد منح الإسلام الإنسان هذا الخير بإقامته للشريعة ولإقامتها لابد من الوفاء بإحياء شعيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فمتى أقيم هذا الأمر تحقق ما ينشده للفرد والجماعة، قال سبحانه وتعالى: {الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ}

مدير عام فرع الرئاسة العامة في منطقة مكة المكرمة بالإنابة



 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد