يطلق قوافل الأحلام، ينتصب بهامته الطويلة ووجاهته المعهودة وقمم الجنوب تنمو من أمامه، لم تأخذ السنين منه شيئاً؛ فما زال شعاع الأمل يطل من عينيه، يستنبط طلاسم حسبها تواريخ انتهت بنهاية المشوار..
حراسة شديدة تقيده، تسحق كل مساحات الأمل، يحاول أن يقترب منها، لكن تلك الحكايات القديمة وأزمة الأنشودة الواعظة تلحقه، يحاول كثيراً الهروب منها، يقترب أمام تلك الإنسانة أمام ذلك الصمت المخيف، يعترف بأنها المرسى بعد سنوات الحرمان والركض.. تعود تلك الحكايات تسطو على ذاكرته كالطعنة، ويراها لأول مرة إنسانة مختلفة، سيدة جعلت كل ما حوله إحساساً شهياً، إحساساً يتآمر على عقله، على منطقه؛ ليعيش ملحمة من الحب والأمان.
يتحدى تلك الحكايات وتلك الأنشودة الخصم، يلتصق بها يضع، يداه على خصلات شعرها، يتمرغ فوق أرضها، يحاول أن يسترد حلم عمره، تتبارى أمامه سنوات الصبر، جباه شامخة بفضل تلك الأنشودة يتوسل إليها بتفاصيل مجنونة، لا أدري هل ستظلين إنسانة نابضة أم حواراً عميقاً. هل استرد حلماً اليوم؟ هل أبقي عليك؟ أخاف اليوم أكثر من الأمس، أكثر من تلك الأنشودة.. ما أصعب مقدمك، تنحني لأجله كل مشاوير حياتي، تنكسر أمامه تلك المفاهيم وتلك التواريخ!
ما أفقرني اليوم إليك، اقتربي، أهدري ما تبقى من صبر، من كرامة، لا تعتبي من عادتي التجوال والسفر، محطة هي حياتي وأنت آخر المحطات.. هزمني ذلك المنطق، وتلك الوجوه التي حولنا ضالة لا تعرف سوى الأخذ لأجل الأخذ، وأنت الحقيقة الوحيدة في حياتي ودربي القادم لن يشهد مثلك لأنك الأصدق، يسيطر عليه منطق تلك الأنشودة، يبحث عن نهاية فلا يجد سوى أن يهرب من ذلك الموعد الذي انتظره لسنوات وتلك الأنشودة العجوز لمحها لأول مرة أمام عينه ترشقه بسمومها النافذة ومفاهيم اعتاد عليها ظنها ذات يوم تواريخ انتهت بنهاية المشوار..؟
روضة الجيزاني- الرياض
rawda_123@yahoo.com