Al Jazirah NewsPaper Thursday  24/04/2008 G Issue 12992
الخميس 18 ربيع الثاني 1429   العدد  12992
عنيزة وتجاعيد ذكريات

قف في المسوكف، يمكن لك أن ترتدي معطفاً رمادياً كي تستكمل الصورة في عيون الخيال، حتى وإن كانت ألوان الذاكرة قد غامت؛ فلم تعد قادرة على النهوض، ثم يمم حاملاً مشاعرك التي بالكاد تحتفظ بصلاحيتها نحو الشريمية، لا تركض، فالزمن جدير بالإبطاء ملء السمع والبصر، وجدير بتأمل الدفء الذي كان يغمر الحيالة، سر في طريق أثقله تثاؤب لم يكن للنعاس دور في تلعثم خطواته، وارتباك ترابه المخملي، وتدني مستوى الرؤية فيه، إن كان بإمكانك أن تمر على الضليعة فافعل، فبالتأكيد ستكسب المزيد من الألق، القصة أيها السادة لا تحتاج إلى ترجمة، ولا تنتظر تأويلاً، ولن توقف رحيلاً، بل ستسأل لججاً متتالية من أشرعة تئن فوق جسد ذكريات عارية كان من الممكن أن تتدثر بما يستر تفاصيل نتوءات غزتها فأحالتها إلى منظر يمنح البؤس لليالي. ما تزال مستيقظة، ظلت تمارس الصخب على ضوء يتراقص فوق جدران أنهكتها التجاعيد، لم يكن ذلك الضوء سوى (سراج) تفتأ أم إبراهيم تصقله، وتلمعه بكل ما هو متاح، حتى ولو بطرف ثوبها المبلل ببقايا سلسبيل؛ فيتحول إلى ما يشبه السنا المعجون برشاقة المساء المنتظر!، والقبة التي تتحرى هطول الظلماء، كانت وما تزال أكثر دهشة وبهجة من كل ما يمكن أن يكون جالباً للسعادة وللضوء من مجرد سراج، أما الليوان فقد كان يردد رجع صدى وشوشات العصافير، وهي تمارس إيقاظ العيون الغافية، وتمنح الفرح والبياض لصباح جديد يأتي دائماً في موعده؛ حين كان الناس أمة واحدة، ترافقهم البراءة، والنقاء، ويألفون زحام الأزقة التي يغمرها ظلام يرتدي كل البريق، فقد كانوا يجيدون اقتفاء الأثر، كما يجيدون التلويح بقلوبهم للقادم الغريب، وللساكن الحبيب، فالكل في تفاصيل الحياة البكر سواء، والأناقة كانت حاضرة بقوة دون أن يكون لها علاقة برداء، او بكسوة موسومة بماركة عالمية، أو بألوان فاقعة، أو بجنز لا يواري سوءة الرجولة، ولا يضيف للأنوثة سوى مزيد من هراء، الحكاية تحولت إلى بكاء، على أطلال ذكريات نراها جيداً، لكننا لم نعد نشعر بها!

فهد الصالح الفاضل- عنيزة


falfadil@hotmail.com

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد