في الحلقة الماضية عرفنا لماذا كانت المخدرات هي العدو رقم 1 كما وصفها صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز وزير الداخلية.. وهنا دعونا نستعرض بعض أضرار المخدرات.. وهي كثيرة... ولكن سوف نتعرض لبعض منها..
فهناك أولاً أضرارها الشرعية.. ذلك أنها محرمة.. ومتعاطيها مرتكب لكبيرة من الكبائر؛ لأن المخدرات تأخذ حكم الخمر عند جمهور العلماء... حيث إنها تشترك معها في إذهاب العقل، ولأنها من الخبائث التي حرمها الله عز وجل في قوله تعالى: {الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَآئِثَ}الأعراف 157).
فهذه الآية تقرر وبكل وضوح أن كل طيب حلال وكل خبيث حرام... ولا جدال في أن المخدرات من الخبائث.. وهناك أدلة شرعية كثيرة تدور حول تحريم المخدرات.. (وهنا أنصح بقراءة كتاب التدابير الواقية من المخدرات في الإسلام لمؤلفه اللواء الدكتور فيصل بالي... وكتاب المنذرات في عقوبة المخدرات لمؤلفه الدكتور محمد الودعان)..
وهي محرمة شرعاً؛ لأنها تصرف متعاطيها عن الصلاة والواجبات الشرعية والاجتماعية ورعاية أسرته وحسن إدارة أمواله.. كما أنها تدفع متعاطيها إلى ارتكاب الكثير من المحرمات... كالقتل والزنا والسرقة وغيرها..
من أضرار المخدرات أيضاً أنها سبب في التفريط بالحياة التي ائتمننا الله عليها.. فقد تدفع متعاطيها إلى الانتحار.. وقد يموت متعاطيها بسبب انتقال أمراض معينه كالإيدز والتهاب الكبد الوبائي، وذلك عند تعاطيها بالإبر الملوثة.. وهذا يحدث كثيراً..
كما أن التعاطي في حد ذاته يؤدي في كثير من الأحيان إلى الوفاة.. إما بسبب تلف خلايا الدماغ، أو بسبب هبوط في الدورة الدموية أو غير ذلك...
من أضرار المخدرات أيضاً أنها تدفع الإنسان في كثير من الأحيان إلى التساهل في موضوع الشرف.. حيث تنعدم لديه الغيرة... ويتولد لديه بالمقابل تبلد حسي في هذا الشأن... ففي سبيل الحصول على المخدر قد يبيع شرفه.. كما أنه قد ينتهك شرفه بنفسه وهو تحت تأثير المخدر..
ومن أضرار المخدرات البينة والواضحة الأضرار الأمنية... فكثير من المتعاطين تتولد لديهم ميول عدوانية تقودهم إلى التصرف غير المتزن... والإقدام على كثير من الجرائم كالقتل والسرقة وارتكاب حوادث السيارات... وغيرها من الجرائم التي تخل بأمن المجتمع واستقراره وسلامته.. بل إن بعض المتعاطين قد يكون أداة سهلة في يد دعاة الإرهاب... وكما أشرت في مقالي السابق فإن جزءاً من تمويل الإرهاب يأتي عن طريق أموال المخدرات.. بل إن هناك احتمال بأن يبيع الإنسان وطنه إذا وقع أسيراً لعصابات المخدرات وفريسة لهم... يوجهونه كيفما يشاؤون، ويستخدمونه لتحقيق أهدافهم ضد الوطن ومصالحه..
والمخدرات تؤدي إلى الكثير من الظواهر الاجتماعية السيئة مثل ظاهرة التسول وظاهرة الدعارة والتي تكون الحاجة إلى المال لشراء المخدر هي الدافع إليها في كثير من الأحيان.. كما أن ظاهرة عدم احترام الوالدين بل والتعدي عليهم بالسباب، أو حتى بالضرب، كما نسمع عن بعضها في هذه الأيام.. ليست سوى إفراز من إفرازات تعاطي المخدرات.
ديننا الحنيف جاء لحماية الدين، والنفس، والعقل، والعرض، والمال وهي الضرورات الخمس للحياة.. والمخدرات جاءت لتهدم الحياة... وتهدم ضروراتها... فهي تدمر الدين، والنفس، والعقل، والعرض، والمال.
لذا دعونا نكن يداً واحدة في مواجهتها.