Al Jazirah NewsPaper Thursday  20/03/2008 G Issue 12957
الخميس 12 ربيع الأول 1429   العدد  12957

مَي

 

* مي، تلك المرأة التي صنع منها (ذو الرمة) كياناً لها في دولة الشعر، من صفاتها وأخلاقها، وسجاياها.

من جلالها، ومن دلالها، ومن كبريائها نسج الآخرون وقلّدوا، لكنهم لم يبلغوا الشأو مهما حاولوا.

كان من الطبيعي أن يلتهب من حولها من ذات الجنس، غيظاً، وحقداً، وحسداً، وكمداً، فوظفن الأداة والفن الذي أبرزها في محاربتها، وإذا بأحد (العشاق) مدفوعاً من ذلك الجنس بغيرته المعروفة يعرّض فيها ويقول:

على وجه (مي) مسحةٌ من ملاحةٍ

وتحت الثياب (الخزيُ) لو كان باديا

كذلك لون الماء يعذبُ طعمه

وإن كان لون الماء في العين صافيا

كذلك (ميٌّ) في الثياب، وإن تكن

فأثوابها تخفي جميع المخازيا

* هنا يغيب عنك جمال التشبيه، وروعة توليد المعاني أمام ذلك الخبر الغريب الذي يجمع بين الطرافة والسذاجة، ويصور موجة التقليد العارمة التي اجتاحت بعض أطياف (المجتمع السعودي).

رجلٌ في (الأسواق)، وأمام الملأ ينشب بينه وبين زوجته خلافاً حاداً ينتهي بالطلاق، سببه (زيٌّ) غير محتشم طبقاً للأعراف والتقاليد في (المجتمع الإسلامي).

أرادت المرأة الضعيفة المسكينة أن تقتني ما تماري به غيرها، والغواني كما يقال (يغرهنّ الثناء)، هذا إن كان ما سيبدو من المحاسن، أو المساوئ المستورة ما يدعو للإعجاب، لكن عقدة الإحساس بالنقص مشكلة كبرى، في مجتمع مستهلك، ينساق نحو التغريب بصورة غريبة، ولا يحسب للعواقب أيّ حسبان.

* لا ملامة على ذلك الرجل المكلوم، أمام تلك المرأة التي لم تكتفِ بذلك (الزي)، لأنني لا أدري بالفعل كم ستحتاج تلك المرأة من أدوات الزينة والتجميل، للترميم والترقيع والردم لما سيبدو من مناكبها، وصدرها، وكتفها، وظهرها، وساقيها، وبخاصة في أجواء مناخية متقلبة.

* في معمعة هذا الصراع والجو الصاخب يستحضر كافة أطراف النزاع وبعد أن انفرط عقد الحياة الزوجية صوت (المتنبي)، وهو يقول:

حسن (الحضارة) مجلوبٌ بتطريةٍ

وفي (البداوة) حسنٌ غير مجلوبِ

أفدي ظباء فلاةٍ ما عرفن بها

مضغ الكلام، ولا صبغ الحواجيبِ

ولا برزن من (الحمّام) ماثلةً

أوراكهنّ صقيلات العراقيبِ

* لم يقف الأمر عند إبراز (العراقيب) أيها (الشاعر)، ولن ترضى به المرأة العصرية، رغم إباحته في بعض المواقف والحالات، لأنها تدرك أن (عراقيب) بيئتنا محترقة مهترئة تحت لهيب الشمس الحارقة، وشدة البرد القارس، فهي لا تسر الناظرين ولا تشدهم.

إذن فلنحافظ على ما تبقى، ولا داعي لكشف المستور، طالما أنه سيجر إلى الطلاق والفرقة.

د. موسي بن عيسى العويس

dr_alawees@hotmail.com

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد