فضل المرشح الجمهوري للرئاسة الأمريكية جون ماكين الذهاب إلى حيث يمكنه تحريك مشاعر اليهود، وكانت زيارته إلى إسرائيل محطة محورية في حملته للفوز بالمنصب بما لليهود من دور كبير في التحكم في مفاصل القرار الأمريكي. ولم يكتف ماكين بالزيارة بل صرح وهو يعتمر القلنسوة اليهودية التقليدية بتأييده الدعاوى الإسرائيلية حول القدس المحتلة.
ومن الواضح أن القضية الفلسطينية مرشحة لسنوات أخرى من الأخذ والرد مع عدم ظهور أي حل قريب في الأفق، ولم تكن هذه القضية بحاجة إلى ماكين كي تشهد المزيد من التعسر، وحتى لو لم يأت ماكين إلى البيت الأبيض فإن ذلك لم يكن ليغير من الأمر شيئاً، إذ أن التعقيدات تحيط بها من كل جانب، ولأن الولايات المتحدة هي الدولة العظمى الوحيدة في العالم فإنه لهذا تتركز معظم أوراق الحل في يدها، لكن المصيبة هي في طريقة استخدام هذه الأوراق، فهي دائماً تكون لصالح إسرائيل.. ويحاول كل الذين يخوضون سباق الرئاسة الأمريكية حالياً خطب ود إسرائيل، فالتقارب والتأكيد على ذلك كل حين وآخر يعني ضمان تأييد أصوات ومواقف لا غنى عنها وتحديداً في الجانب اليهودي، وهكذا نرى أن المرشحين في الحزب الديموقراطي لا يتأخرون في إظهار التأييد لإسرائيل ولا يهم إن كان ذلك على حساب القضية الفلسطينة أو غيرها.
وعلى كل فمن غير المناسب أن يتدخل ماكين أو غيره في وضع القدس الفلسطينية، فحتى من باب الكياسة السياسية لا يصح إثارة مسألة تتعلق بأرض محتلة باعتراف القرارات والمرجعيات الدولية كلها، كما أن مسألة القدس تندرج كإحدى قضايا المرحلة النهائية في التفاوض.
هذه الهرولة نحو تأييد إسرائيل، حتى فيما لا يتسق والفعل السياسي السليم، هي واحدة من أكبر معوقات التسوية، خصوصاً وأن التأييد يأتي هنا من ساسة الدولة العظمى التي يفترض أنها تأخذ بأيدي الأطراف كافة من أجل مساعدتها في التسوية. ولا يتوقع أن تكون زيارة ماكين هي الوحيدة، فسرعان ما يتبعه المرشحون الآخرون، فلا زالت المسافة حتى الانتخابات الرئاسية في نوفمبر القادم طويلة، وربما تتيح أكثر من زيارة لكل مرشح، إذ سيحرص كل منهم على تقديم فروض الولاء والطاعة، على الرغم من أن كل منهم أعلن مواقفه الصريحة في تأييد إسرائيل حتى وهي في قمة انشغالها بالمجازر الرهيبة في غزة، ومع ذلك فإن الزيارة لها مغزى خاص كما لها مكافأة أكثر خصوصية.
******
لإبداء الرأي حول هذا المقال، أرسل رسالة قصيرة SMS تبدأ برقم الكاتب«9999» ثم أرسلها إلى الكود 82244