(إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ) أنت خلقتنا ولك محيانا وإليك مماتنا لا راد لقضائك يارب العالمين.. منذ عدة ايام اختار الله سبحانه وتعالى بقضائه وقدره إلى رحمته الصديق ناصر بن محمد الحميدان يوم الاثنين 11-2-1429هـ الموافق 18-2-2008م وصلي عليه بعد صلاة العصر يوم الثلاثاء الموافق 12-2-1429هـ الموافق 19-2-2008م في مسجد الملك خالد بأم الحمام بالرياض بعد معاناة طويلة من المرض نسأله الله تعالى أن يكون له تكفيرا و طهورا ونورا يوم القيامة، وإن القلب ليحزن والعين تدمع والفؤاد يتفطر على فقده، كان الصديق الوفي والأخ العزيز المخلص، ولد عام 1360هـ في مدينة ثادق ودرس فيها المرحلة الابتدائية حتى الخامسة ثم انتقل مع أسرته إلى الرياض وأكمل مرحلته الابتدائية في الرياض، ثم التحق بالمعهد العلمي وبعد أن تم المرحلة الثانوية التحق بكلية الشريعة جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض وتخرج فيها عام 1392-1393 هـ بعدها عين مدرسا في المعهد العلمي بالدمام، ثم انتقل إلى فرع رئاسة تعليم البنات (آنذاك) موظفاً بمنطقة الدمام ومكث ثماني سنوات في منطقة الدمام، ثم انتقل إلى الرئاسة العامة لتعليم البنات (حين ذاك) بالرياض حتى أحيل على التقاعد بعد أن أكمل أربعين سنة في الخدمة.
وكان يأتي إلى عمله مبكراً ولا يخرج حتى ينهي ما لديه من أعمال، وقد حظي بالتقدير والشكر من رؤسائه بصفة دائمة بالإضافة إلى ما كان يفعله من حسن التعامل والملاطفة والإخلاص، كيّس فطن ويتفانى في خدمة جميع المراجعين وتعجز الكلمات والسطور أن تفي بحقه.
كان وفياً أميناً حنوناً بشوشاً كريماً لمن يأتي إليه، عاش حياته في بيت صلاح وتقى وعبادة وعلم وكرم وكان إنساناً متواضعاً لطيفاً، ابنا وأخا للكبير وأبا للصغير.
صديق للجميع طيب المعشر، لا يمل مجلسه وحديثه، بيته مفتوح للجميع من حبه للناس وحبه لتواصل صلة الرحم..
يتألم لما يؤلم الناس ويفرح لهم بما يفرحهم، محل ثقة وتقدير من الجميع ومن يعرفونه، كان ينصح بنصح المحب ومحبة الناصح.
وهو الرجل الذي أود أن أسطر بعض كلمات الوفاء والعرفان بحقه ولا أظنها ستفي فهي ليست إلا جهد المقل، إنه ذلك الرجل الذي عرفته دائماً حكيماً كبير الهمة صريحاً صدوقاً لم تغيره الأيام والليالي ولم تنل من همته السنون، بل هو في الواقع من زينها بعطائه وحكمته ووفائه وتفانيه وإخلاصه وبشاشته، إنه الرجل الذي أجزم أن كل من عرفه - حتى ولو لبعض الوقت- يتفق معي أنه قد تملك فيه جانبا من مودة خالصة وإعجابا عميقا، بالطبع كثير هم أولئك الرجال الذين نلتقيهم في مراحل حياتنا ولكن قليل هم أولئك الذين يتركون في أنفسنا أثر الوفاء العميق بحيث يبقى وجودهم فينا راسخاً نتعايش معهم في تجاربهم وحكمتهم ورؤيتهم..
نعزي فيه أنفسنا ومن فقده ممن أحبوه وأحبهم كما لا يفوتني أن أخص بالعزاء والمواساة شقيقه فضيلة الشيخ إبراهيم بن محمد الحميدان وأبناءه الأستاذ محمد وعبدالله وعبدالعزيز وأحمد وعبدالرحمن وشقيقاتهم، وحرم الفقيد وجميع أسرة آل حميدان وجميع محبيه وأصدقائه وزملائه وألهمهم جميعاً الصبر والسلوان، رحمه الله رحمة واسعة ورفع درجاته يوم يلقى ربه وأسكنه فسيح جناته وعوضنا خيراً.. آمين.
(يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّةً فَادْخُلِي فِي عِبَادِي وَادْخُلِي جَنَّتِي).
فإن القلب ليحزن وإن العين لتدمع ولا نقول إلا ما يرضي ربنا..
وإنا على فراقك يا ناصر لمحزونون، لله ما أخذ ولله ما أعطى ولا حول ولا قوة إلا بالله، كل من عليها فان.