Al Jazirah NewsPaper Friday  29/02/2008 G Issue 12937
الجمعة 22 صفر 1429   العدد  12937
صندوق الحكايات
عندما تعصف الرياح

منذ سنوات عدة كان لأحد ملاك الأرض الزراعية مزرعة تقع بجوار الشاطئ، وكان كثيراً ما يعلن عن حاجته لعمّال، ولكن معظم الناس كانوا يترددون في قبول العمل في مزرعة بجوار الشاطئ؛ لأنهم كانوا يخشون العواصف التي كانت تعربد عبر البحر الهائج الأمواج وهي تصب الدمار على المباني والمحاصيل.

ولذلك عندما كان المالك يجري مقابلات لاختيار متقدمين للعمل،

كان يواجه في النهاية برفضهم العمل.

وأخيراً اقترب رجل قصير ونحيف، متوسط العمر للمالك..

فقال له المالك: (هل أنت يد عاملة جيدة في مجال الزراعة)؟

فأجاب الرجل نحيف الجسم قائلاً: (نعم فأنا الذي ينام عندما تعصف الرياح)!

ومع أنّ مالك المزرعة تحيّر من هذه الإجابة إلا أنه

قبِلَ أن يعينه بسبب شدة يأسه من وجود عمال آخرين

يقبلون العمل في مزرعته.

أخذ الرجل النحيف يعمل عملاً جيداً في المزرعة، وكان طيلة الوقت مشغولاً من الفجر وحتى غروب الشمس، وأحس المالك بالرضا عن عمل الرجل النحيف.

وفي إحدى الليالي عصفت الرياح بل زمجرت عالياً من ناحية الشاطئ، فقفز المالك منزعجاً من الفراش، ثم أخذ بطارية

واندفع بسرعة إلى الحجرة التي ينام فيها الرجل النحيف الذي

عيّنه للعمل عنده في المزرعة ثمّ راح يهزّ الرجل النحيف وهو يصرخ بصوت عالٍ:

(ستيقظ فهناك عاصفة آتية، قم ثبِّت كل شيء واربطه قبل أن تطيّره الرياح).

استدار الرجل صغير الحجم مبتعداً في فراشه وقال في حزم:

(لا يا سيّدي فقد سبق وقلت لك أنا الذي ينام عندما تعصف الرياح!).

استشاط المالك غضباً من ردة فعل الرجل، وخطر له أن يطلق عليه النار في التو واللحظة، ولكنه بدلاً من أن يضيع الوقت خرج عاجلاً خارج المنزل ليستعد لمجابهة العاصفة.

ولدهشته اكتشف أن كل الحظائر مغطاة بمشمّعات. والبقر في الحظيرة، والطيور في أعشاشها، والأبواب عليها أسياخ حديدية وجميع النوافذ محكمة الإغلاق، وكل شيء مربوط جيداً ولا شيء يمكن أن يطير...

وحينذاك فهم المالك ما الذي كان يعنيه الرجل العامل لديه، وعاد هو نفسه إلى فراشه لينام بينما الرياح تعصف.

حينما تستعد جيداً فليس هناك ما تخشاه

هل يمكنك يا أخي أن تنام بينما رياح الحياة تعصف من حولك؟

لقد تمكن الأجير أن ينام لأنه كان قد أمّن المزرعة جيداً.

ونحن يمكننا أن نؤمِّن حياتنا ضد عواصف الحياة.. بربط نفوسنا بقوة بكلمة الله جل شأنه.




 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد