Al Jazirah NewsPaper Monday  18/02/2008 G Issue 12926
الأثنين 11 صفر 1429   العدد  12926
أضواء
ثروتنا السمكية من يحضرها لنا؟!..
جاسر عبدالعزيز الجاسر

مع تفهمي لتأثير الطباع السلوكية الغذائية للسعوديين إلا أن الدارس للأسواق في المملكة والمتابع لحركة التسوق، يجد أن إقبال المواطن السعودي على تنويع مائدته قد توسع، ولم يعد المواطن السعودي يقصر غذاءه على الأكلات الشعبية (القرصان والمرقوق والجريش والمراصيع) والحلويات على (الحنيني والكليجة) بل تجاوز حتى الأكلات المستحدثة (الكبسة والمندي والمظبي) وغيرها من الأكلات التي تقتصر على الرز واللحوم، اذ أخذت المائدة السعودية وبخاصة في وسط المملكة تستقبل خيرات البحر من أسماك وفواكه البحر من (جمبري والاستكوزا والمحار والقواقع والسرطان، وحتى الكافيار)، وتشاهد في أسواق بيع السمك في المدن: الرياض وبريدة وحائل وعنيزة، وغيرها من المدن النجدية إقبالاً على شراء الأسماك يقارب ما نشاهده في المدن الساحلية التي اعتادت الاستفادة من خير البحر وانتاجه من الأسماك لتنويع مائدتها الغذائية.

هذا التغير في أنماط السلوك الغذائي في المملكة لم يصاحبه تطوير لعمليات الإنتاج لهذه الثروة الكبيرة والتي لا تزال مهملة وغير مستغلة، فعمليات الصيد لا تزال بدائية وعمليات النقل والخزن والتسويق لم تتطور، وحتى بعد إنشاء شركة الأسماك لا تزال الأمور تراوح في مكانها، بل إن الشركة تعاني من خسائر، وقد دهشت كثيراً عندما قرأت تصريحات الاستاذ صالح بن علي التركي رئيس الغرفة التجارية الصناعية في جدة من أن المملكة تستورد أكثر من نصف استهلاكها من الاسماك، في الوقت الذي تمتلك فيه أغنى مجرى مائي بالثروة السمكية في العالم والذي يكتنز أندر الأنواع وأثمنها.. يقصد الأستاذ التركي (البحر الأحمر)، وأزيد عليه أننا أيضاً نملك رافداً كبيراً هو الخليج العربي.

في دراسة للأخت الدكتورة لميعة بنت عبدالعزيز الجاسر (الثروة السمكية في المياه الإقليمية للمملكة العربية السعودية) كشفت بأن المملكة تمتلك مخزوناً هائلاً من الثروة السمكية يمثل رافداً مهماً وقوياً للثروة القومية، فالبحرين اللذين يحيطان بالمملكة (البحر الأحمر والخليج العربي) وسواحل آلاف الجزر التابعة لها مكامن ومخازن كبيرة تحوي ثروة هائلة من الأسماك، وأثبتت دراستها أن بعضاً من هذه الثروة يستغل من قبل مراكب صيد أجنبية في ظل تقاعس الأيدي الوطنية عن الاستفادة من ثروتهم، ويدل على ذلك الجزر المتناثرة في جنوب غرب المملكة وساحلها الغربي غير المستغلة تماماً، مما مكن مراكب الصيد الأخرى من الصيد في تلك المناطق التي تحوي آلاف الأصناف من الأسماك النادرة والغنية بالقيمة الغذائية.

الدراسة تشير إلى صراع الدول على تحديد مناطق الصيد في حين تترك مناطق الصيد السعودية عرضة للاستغلال من غير السعوديين لعدم اهتمام السعوديين بتطوير هذه الصناعة المربحة والمربحة جداً. والغريب أن شركة الأسماك التي احتكرت الصيد في منطقة جازان لم تطور عملها وأساليبها، ولا تزال نفس مراكب الصيد التي بدأت عملها تستعملها، مع حرمانها للصيادين من جيزان القيام بعملهم، أما في باقي مناطق ساحل البحر الأحمر فلا يزال العمل يتم بصورة تقليدية معتمداً على جهود الصيادين المحليين مثلما هو جار في الساحل الشرقي خاصة في محافظة القطيف التي تعد سواحلها مخزنا كبيرا للأسماك وهو نفس الحال بالنسبة لقرية ثول قرب جدة.

صناعة صيد الأسماك رافد كبير للاقتصاد الوطني لو وجدت الاهتمام واتجهت لها الجهود، فهي بالإضافة إلى تزويدها الاسواق السعودية والدول المجاورة بسلع غذائية مفيدة جداً أيضاً قادرة على امتصاص عدد كبير من الايدي العاملة، وهناك دول أوروبية كثيرة تعتبر صناعة الصيد في البحار إحدى أهم الصناعات التي تعمل وبكثير من الجهد لتنميتها وتطويرها والبحث عن أماكن صيد لأساطيلها، في حين نتنكر نحن هنا في المملكة لثروتنا ومياهنا دون أن نستثمرهما.

الموضوع يحتاج إلى مناقشة وبحوث ومقالات وحسناً فعلت الغرفة التجارية في جدة والمسؤولون في وزارة الزراعة من المهتمين بالثروة السمكية من فتح باب النقاش حول هذا الموضوع المهم.



jaser@al-jazirah.com.sa
لإبداء الرأي حول هذا المقال أرسل رسالة قصيرة SMS  تبدأ برقم الكاتب 11 ثم إلى الكود 82244

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد