Al Jazirah NewsPaper Thursday  14/02/2008 G Issue 12922
الخميس 07 صفر 1429   العدد  12922
للرسم... معنى
تهيئة الذات لقبول الآخر
محمد المنيف

قد لا يتوقع الكثير أن الزائر العادي أو من يملك القليل من الميول للفنون التشكيلية يشعر بالنشوة والارتياح عند زيارته لأي معرض تشكيلي أكثر مما يشعر به المختصون في هذا المجال من فنانين أكاديميين أو من يمتلكون خبرات طويلة في عالم الفنون، ذلك نتيجة اعتماد هؤلاء المختصين على المعرفة المسبقة التي تحمل فيها ذاكرتهم صوراً من مختزل ثقافي واسع الاطلاع تجعل من تقييمهم للأعمال مبنياً على مواصفات ومعانٍ وأبعادٍ تستحضر أسس البناء الفني للعمل بكل ما يحيط به من افتراضات ومقارنات فأوجدت حاجزا بينهم وبين المشهد المباشر وعن التعمق في ما تخفيه زوايا ما طرح من الأعمال بأقل المؤشرات وصولاً إلى افتراض الأجمل بعيداً عن الأقل جمالاً، ليدفع بهم إلى جدل الأسئلة المحرضة لاستيعاب المشهد ذاته بشكل استثنائي بكل صوره وعلاقاته ليعودوا من خلال تلك النظرة إلى تهيئة الذات لقبول المحاولات والتجارب الجديدة المغامرة وبذل الجهد لتفسير الغامض وتأويله إلى حقيقة مباشرة مكشوفة تفرض علينا القناعة بتلك الصيغة ومنحها قيمتها المظهرية.

هذا التعامل من العين والعقلية المختصة لما يتم عرضه من قبل الناشئة أو لمن يجد لديه ميول للإبداع ويمنح نفسه الفرصة للتجربة تعيق سبل اكتشاف البذرة التي ستشكل جيلاً جديداً على الساحة بما تفرضه هذه النظرة من قيود تطالب هذه الفئة بالتمسك بأصول وأسس العمل الفني الأكاديمي الذي سيأتي لاحقاً في حال تلقي الموهوب توجيهاً صحيحاً في هذا المجال.

لذا وجب تغيير تلك النظرة التي تعتبر ما يقدم من محاولات المجرب شكلاً من أشكال الخيال الجامح، أو ضرباً من المغامرة، اتبعها جرأة في كيفية إعادة تشكيل إبداعه بالمبالغة في أجزاء من العمل، أو تجاهل أجزاء أخرى، وسعيه لبنائه بصياغة يرى أنها جديدة، مارس تنفيذها بحرية مطلقة، متناسياً أي رأي قد يعيق لحظة مخاضه، والعودة إلى مبدأ أن أي عمل فني يُرى من خلال زوايا متعددة الحكم فيها نسبي، بين عين وأخرى مهما اختلفت فيه مستويات الوعي، يجمعهم قاسم مشترك هو حب الجمال والإيمان بأن الأصل في كل ما في حياتنا هو الأحسن وأن القبح نسج خيال أو من صنع أيدينا.

MONIF@HOT MAIL.COM



 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد