Al Jazirah NewsPaper Thursday  14/02/2008 G Issue 12922
الخميس 07 صفر 1429   العدد  12922
بعيداً عن الكراهية

وقود كل أزمة هو الكراهية والتحريض عليها، ومن النادر أن تندلع حرب أو يشتعل نزاع مسلح دون أن يسبقه جو من الاحتقان السياسي والتراشق الإعلامي والشك وسوء الظن في الآخرين وخطب التخوين أو إلقاء التهم جزافاً بالاعتماد على الشائعات غير معروفة المصدر. ويساهم الإعلام اليوم أكثر من أي وقت مضى في تأجيج الصراعات، نظراً للكم الهائل من القنوات الفضائية والمحطات الإذاعية التي انطلقت في غضون سنوات قليلة دون ضوابط محددة وأهداف واضحة. حتى أصبح في متناول أية جماعة أو منظمة أن تطلق قناتها الفضائية الخاصة لتصفية حساباتها مع المناوئين. هذا عدا عن الاستغلال السيئ من قبل بعض الجماعات والأفراد لشبكة الإنترنت، وإنشاء مواقع التحريض على الدول والمجتمعات والقادة. ومن هنا تأتي أهمية وثيقة مبادئ تنظيم البث الفضائي الإذاعي والتليفزيوني في المنطقة والتي صدرت عن اجتماع وزراء الإعلام العرب الاستثنائي. فمن الأمور المهمة التي دعت إليها هذه الوثيقة الامتناع عن التحريض على الكراهية أو التمييز الطائفي والعرقي، والامتناع أيضا عن بث كل شكل من أشكال التحريض على العنف والإرهاب، وتجنب وصف الجرائم بكافة أشكالها وصورها بطريقة تغري بارتكابها أو تنطوي على إضفاء البطولة عليها ومرتكبيها أو تبرير دوافعها.

ويخطئ من يتصور أن هذه الضوابط تتعارض مع حرية التعبير معتقداً بأن التعبير الحر ليس له حدود، أو أنه غير ملزم بما تفرضه المسؤولية الاجتماعية، واحترام خصوصيات الأفراد. هذا الخطأ في التصور دفع بعض الجهات الإعلامية المشبوهة إلى امتهان الأسلوب الفضائحي في عرض الأخبار، أو التعدي على المقدسات أو الرموز الوطنية بالتجريح أو التشكيك الذي يسيء إلى تماسك المجتمعات، ويتسبب في إحداث تصدعات في البنية الوطنية، مما يجعلها عرضة للانهيار عند أقل أزمة تمر بها. وكثير من الأحداث الجارية في المنطقة العربية مع الأسف تثبت أن بعض الفضائيات استغلت في التراشق الإعلامي بين بعض الدول والجماعات، وعرض هذا التراشق على ملايين من المشاهدين والمستمعين بمختلف أعمارهم وثقافاتهم ومستوياتهم التعليمية.

ولذلك كان من المهم وضع ضوابط جديدة تتعامل مع ظروف المرحلة الراهنة، بما لا يتعارض مع استراتيجية الانفتاح الإعلامي الهادف والبناء. فالانفتاح الإعلامي يدعو إلى التعامل السريع والاحترافي مع المعلومة وعرضها الأخبار الصحيحة والدقيقة بكل شفافية إلى المتلقين دون مبالغات تحدث بلبلة أو تشويشا تضر بمصداقية المرسل التي تعتبر رأس المال الحقيقي للإعلاميين.

****

لإبداء الرأي حول هذا المقال، أرسل رسالة قصيرة SMS تبدأ برقم الكاتب«9999» ثم أرسلها إلى الكود 82244






 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد