في الحفلات والمقابلات يتمسكون بكلمة البلد الفلاني الشقيق، ويكررون على مسامعنا أننا أشقاء تجمعنا العروبة والدين وغيرها مما يطول حصره. تسمع هذه العبارات وتسعد؛ فوجود أشقاء بالملايين يحيطون بك من كل جانب أمر إيجابي، يبعث الأمان والطمأنينة والشعور بأن المرء ليس وحيداً في هذا العالم الذي تعصف به تضارب المصالح، ويستهان فيه بدم الإنسان، ولا يعيش فيه غير القوي، ويوهمك بهذه القوة التي تبحث عنها. ثم تجمعك بالأشقاء مناسبة يقولون عنها تنافسية لإظهار المواهب وتقوية الصلات، فتجد من شقيقك ما لا تجده من غريب، شحن نفسي وقتال لا يوقفه حد، وكلمات تقال للإساءة والتجريح وتصريحات واتهامات بشكل يُظهر ما في النفوس من فُرقة وحسد وحقد، ثم بعد كل هذا الخراب نسمع في مقابلة بعد الحدث أننا أشقاء. ولا يكتفي بهذا، بل يلزم كل الأشقاء الذين أساؤوا إلى بعضهم البعض وتقاتلوا في غير حق أن يقولوا عن نجاح اللقاء الذي أظهر اللحمة، وأكد أننا لا يفرقنا أمر.. تسمع هذا وتسكت على مضض، ثم تنزل بك مصيبة، عدو يتربص بك أو شخص يريد دمارك، ومن الطبيعي أن تلجأ لهؤلاء الأشقاء ليعينوك ويسندوك، لكنك لا تجد أياً منهم، وكأن الأرض على كثرتهم ابتلعتهم، فتجد نفسك أمام ما يواجهك وحيداً، حتى إذا زالت الغمة وانتهى ما مررت به جاءتك أصوات الأشقاء تهنيك وتؤكد دعمها لك ووقوفها إلى جانبك.. تحاول أن تقنع نفسك بأعذار تختلقها لهم، وتسعى للمضي في حياتك؛ فالتوقف في الحياة لا فائدة منه. وتسافر للراحة في بلد شقيق فتجد من المعاملة أسوأها، ومن النصب والتحايل ونقص القيمة ما لم تجده عندما سافرت لبلد غير شقيق. وتعيش بين أشقائك بحذر وخوف؛ فكل خطأ ترتكبه سيكون قضية رأي عام تتكلم عنه الصحافة وتقام له الندوات وتسمع فيه من الصفات غير المحمودة التي تطلق عليك وعلى بلدك الشقيق لهم ما يجعلك تكفر بكل معنى للأخوة، وتتمنى لو أن كل الناس غرباء لا أشقاء لك؛ لأنك تجد من غير الشقيق من التقدير والتسامح ما لا تجده ممن يقال عنه شقيق.. والله المستعان.
naderalkalbani@hotmail.com