العالم - وعلى الأخص منطقتنا العربية - يتطلع إلى أمريكا جديدة، وحتى الأمريكيين أنفسهم عبروا عن حاجتهم للتغيير بعد سنوات من سيطرة المحافظين الجدد على السياسة الخارجية الأمريكية تخطيطاً، وتنفيذاً لمصلحة أجندة قد لا تكون في مصلحة أمريكا بالضرورة. وبغض النظر عمَّن يصل إلى البيت الأبيض، فإن العالم يريد دولة عظمى تقوم بمسؤولياتها وتعمل على حل الصراعات الدولية، وليس على إشعالها، وتوريط الشعوب في حروب متتالية لا تنتهي. إن لم تنتهج الإدارة الأمريكية سياسة أكثر عدالة، وتمتلك نظرة أبعد للأمور، فإن الاستقرار العالمي لن يتحقق، والدليل على ذلك القضية الفلسطينية التي ظلت لعشرات السنين دون حل بسبب التساهل الأمريكي مع الغطرسة الإسرائيلية والانحياز للدولة العبرية في منظمة الأمم المتحدة وغيرها من المنظمات الدولية، هذا عدا التبرير المستمر للعنف الإسرائيلي، ووضع اللوم دائماً على الطرف الفلسطيني المعتدى عليه. ولذلك تناشد أصوات الحق في كل انتخابات رئاسية أمريكية الساسة الأمريكيين إلى أن يكونوا جادين وحازمين في التعامل مع إسرائيل، لأن هذه الدولة لا تحترم القرارات الدولية، ولا تعير الحقوق أدنى اهتمام، ولا تلتزم بما تتفق عليه مع المفاوضين الفلسطينيين, وآخرها الاتفاق على إنشاء دولة فلسطينية وتحقيق سلام دائم بنهاية العام 2008م. فلقد تم الاتفاق في مؤتمر دولي في أمريكا وبدعوة من الرئيس الأمريكي جورج بوش وحضره العرب تأكيداً منهم على رغبتهم في السلام، ومع ذلك تعود وزيرة الخارجية الإسرائيلية لتقول في مؤتمر دافوس الدولي إن إسرائيل غير ملزمة بتحقيق سلام وإنشاء دولة فلسطينية بنهاية العام. أي أن إسرائيل تتنصل من هذا الاتفاق. المنطقة بحاجة أيضاً إلى إدارة أمريكية ليس من سياستها قرع طبول الحرب، وإطلاق التهديدات بإشعال المعارك لأهداف غير واضحة، وبحجج غير مؤكدة، ولا موثقة، بل ومشكوك في صحتها. وأقرب مثال على ذلك انهيار الحجج التي تشبثت بها إدارة بوش لغزو العراق، وكشف زيفها عبر مؤسسات أمريكية مستقلة. ومثال آخر، ما كشفته الاستخبارات الأمريكية من أن إيران أوقفت مساعيها نحو امتلاك قنبلة نويية عام 2003م، في حين أن إدارة بوش ظلت تؤكد أن إيران على وشك امتلاكها.
نريد إدارة أمريكية تعتمد الحقائق وليس الآيديولوجيات في التعامل مع القضايا الخارجية، وخاصة القضايا المعقدة، وإلا فإن أمريكا ستخسر كثيراً في حين أن الرابح سيكون أعداؤها الحقيقيون وهم أولئك الأمريكيون الذين يفضلون مصالح إسرائيل على حساب مصالح بلادهم.
******
لإبداء الرأي حول هذا المقال، أرسل رسالة قصيرة SMS تبدأ برقم الكاتب«9999» ثم أرسلها إلى الكود 82244