Al Jazirah NewsPaper Thursday  07/02/2008 G Issue 12915
الخميس 01 صفر 1429   العدد  12915
الميول والموهبة .. أم التفوق..!
محمد بن صالح الفايز

إن اكتشاف الميول والمواهب ورعايتها أمر ليس بالسهل حينما ندرك أن الموهبة ليس لها علاقة مباشرة بالتفوق!

بل إن كثيراً من الموهوبين والمخترعين كانوا فاشلين دراسيا في بداية مراحلهم الدراسية فتوماس أديسون مخترع المصباح الكهربائي ومن سجل باسمه أكثر من 1200 براءة اختراع طرد

من المدرسة بحجة أنه متخلف وغير قابل للتعلم..!

وفارادي مخترع المولد الكهربائي لم يستطع تجاوز المرحلة الابتدائية، وألبرت اينشتاين عالم الفيزياء لم يبدأ الكلام حتى سن الرابعة وطرد من المدرسة أيضا بعد أن وصفه أساتذته بأنه بطيء التعلم!!

وقد أخطأ من ظن أن كل متفوق موهوب، فالتحصيل الجيد قد يعد مؤشرا على الذكاء، وليس على الموهبة، ومع هذا فالمناهج الدراسية ليست بالضرورة مقياسا حقيقيا لذكاء الطالب بقدر ما هي مقياس لمقدرته على الحفظ والجد والمثابرة!.

ويعرف المتفوق : (بأنه الطالب الذي يرتفع في إنجازه، أوتحصيله الدراسي بمقدار ملحوظ فوق الأكثرية، أوالمتوسطين من أقرانه).

أما الموهبة فيعرفها بعض العلماء على أنها :(سمات معقدة تؤهل الفرد للإنجاز المرتفع في بعض المهارات والوظائف، والموهوب هوالفرد الذي يملك استعداداً فطرياً وتصقله البيئة الملائمة)، لذا تظهر الموهبة في الغالب في مجال محدد مثل الشعر أوالرسم .. أوغيرهما.

أما الميول - وهومحور حديثي اليوم - (فهوحب الشخص وميله لشيء معين ورغبته في ممارسته.. كالرياضة أوالتمثيل أوالرسم أوالكمبيوتر...

وتوفر هذه الرغبة والميل لدي الابن كفيل أن يجعله يبدع في هذا المجال لووجد من يكتشفه ويرعاه..!

وللأسف فإن الأسرة والمدرسة لم تهتم بهذا الجانب المهم بقدر اهتمامها بتفوق الطالب في دراسته..!

فدور الأسرة أن تراقب تصرفات الطفل منذ صغره وترصد ما يهواه من لعب وتوفر له المزيد منها ومن ألعاب الذكاء التي تساعده على تفتح ذهنه، وتخصيص غرفة أومكان مناسب لمزاولة ما يهواه الأبناء من ألعاب ومسابقات وتجهيزه بما يلزم من أجهزة إلكترونية، فإن ذلك يساعد الأبناء على ممارسة ما يحبون وعلى تحديد ميولهم وإشباع رغباتهم.

أما دور المدرسة في اكتشاف الميول والمواهب فنقصد بذلك هوأن يتخرج الطالب وقد ساهمت المدرسة في معرفة ميوله وأتاحت له الفرصة الكافية في ممارسة ذلك، وليس شرطاً أن نخرج موهوبين بقدر المساهمة بشكل فعال في مساعدتهم على تحقيق جزء من رغباتهم وتعريفهم بها مما سييسر الطريق أمامهم في المستقبل ويساعدهم في تحديد ميولهم وأهدافهم.

فالاهتمام بالموهبة أوالميول أجدى بكثير من الاهتمام بتخريج طلبة متفوقين في مواد وتخصصات معينة..! قد لا يستفيد منها إلا القليل في الجانب التطبيقي أوالعملي.

وبالتالي يتخرج طلاب متفوقون كل عام ولكنهم بلا ميول، وبلا أهداف ولا يعرفون أين يذهبون وما الذي يرغبونه من تخصصات جامعية أووظيفية مما يجعلهم بعيدين عن أن يكونوا مبدعين أومتميزين في مجالاتهم الوظيفية مستقبلاً..!

ولعل حال الطفل الصغير عند التحاقه بالمدرسة وما كان يرسمه في مخيلته عنها، لهو أكبر دليل على حاجة المدرسة إلى تغير جذري بهذا الخصوص!.

فيأتي الطفل الصغير إلى المدرسة - وهوفي سن السادسة تقريباً - حاملاً معه كما هائلا من الخيال الواسع الذي يؤهله للإبداع لو وجد من يستثمر ذلك الاستثمار الجيد... ولكن سرعان ما تلتطم هذه الأمواج بجدار صلب يعيق ذلك الذهن المتفتح من إنتاج الطاقة ليصطدم بالواقع المرير والمتمثل بالمناهج الدراسية الجامدة والمحددة مسبقاً لاعتمادها المباشر على الحفظ والتلقين وتعطيل ما سواهما من سمات الإبداع التي يملكها الطفل بالفطرة!.

ويستمر هذا الأمر من الحفظ والتلقين في جميع المراحل الدراسية دون إعطاء الطالب الفرصة الكافية للتعبير عما يريد أوممارسة ما يحب أويميل إليه.. فضلاً عن اكتشاف مواهبه!. .

والمدرسة بيئة خصبة لاكتشاف المواهب والميول وممارسة ذلك متى ما اهتم القائمون على التعليم في هذا الأمر، فهي البيئة المثالية للإبداع لقضاء الطالب معظم وقته فيها، ولوجود روح التنافس بين الطلاب.

وقد نجحت بعض التجارب المدرسية والجامعية القليلة في المساهمة في ذلك، فعلى سبيل المثال - فإنك لوسألت بعض الإعلاميين البارزين لقال لك إنه اكتشف نفسه من خلال الإذاعة المدرسية، أومسرح المدرسة، أومساعدة بعض الأساتذة، بل إن مسرح جامعة الملك سعود كان له الفضل الأكبر في اكتشاف مواهب الكثير من الممثلين السعوديين المشهورين اليوم!!

ولدى المدرسة متسع من الوقت لاكتشاف ذلك عبر إيجاد مناشط متنوعة تسهم في معرفة ميولهم وتفتح آفاق أرحب للخيال والإبداع لدى طلابها متى ما اهتم القائمون على التعليم بهذا الجانب الحيوي الهام.



mohamad133@hotmail.com

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد