| |
الأربعاء 25 محرم 1393هـ الموافق 28 فبراير 1973م العدد (533) فلسفة القرار الهلالي
|
|
وأخيراً صحا الهلال بعد نومة طويلة ونفض عن نفسه غبار التقهقر ليعطي لجمهوره ملامح الأمل بمستقبل تشرق فيه شمس الهلال من جديد ولكن بصورة أكثر صفاء وقوة من صور الماضي الذي كان فيه الهلال آخذاً في الانحسار بصورة مقلقة.. ولقد كنت ضمن الواثقين من أنه لا بد أن تنتفض الإدارة الهلالية لتنقذ الهلال من خطر الغرق بعد أن بلغ السيل الزبى ووصلت درجة الهبوط إلى الصفر.. وبعد أن حققت الإدارة ما كان ينتظره الجمهور الهلالي فالمطلوب بعد ذلك هو الاستمرار في المسيرة التي أعلنها قرار النادي التي من ضمنها الاعتماد على الناشئين واستبعاد العناصر غير الصالحة وغير المخلصة.. إن مجرد صدور القرار وحده لا يكفي فالمهم هو التنفيذ وجعل هذه القرارات بمثابة منطلق جديد وبداية لصفحة جددية يرسم لنا فيها الهلال صور المجد والبطولات، فإنني بصراحة أخشى ألا يتحقق ما وعدتنا به الإدارة من جديد بنفس الطريقة والأسلوب أي نفس السلبية ولكني مع تخوفي وعدم اطمئناني على الاستمرار في مسيرة جديدة تكون مدعومة بالناشئين ملغية كل العناصر السلبية، فإني أحس بنوعية جديدة في قرارات إدارة الهلال وأحس فيها بطعم الحزم والعزم والروح المخلصة التي تعمل من أجل مصلحة النادي.. إنها قرارات تختلف عن كل ما سبقها من قرارات تختلف في الشكل والهدف.. فسحب الكبتنية من قائد الفريق وإيقاف بعض اللاعبين والتخطيط لإيجاد مدرب متفرغ وإعطائه الصلاحية المطلقة والاعتماد على الناشئين.. كلها قرارات ذات طعم جديد طالما انتظرناها فإذا بها تخرج إلى الوجود معلنةً وجود رجال مخلصين جادين في دفع عجلة النادي بقوة إلى الأمام.. رجال اقتنعوا بأن البقاء للأصلح وأن حكاية الأسماء قد انتهى أمرها ولن تعود أبداً أو تحاول عرقلة مسيرة الهلال مرة أخرى فلنصفق لهذه القرارات ولنحيي هذه الإدارة التي كانت حازمةً في موقفها وصارمةً في قراراتها لا لشيء إلا لأجل مصلحة الهلال والوصول به إلى المستوى اللائق به كنادٍ عريق يملك أكبر قاعدة جماهيرية ويجمع في تطوره ومنافساته بين جميع الألعاب.. وعندما انحسر فريق كرة القدم وأخذ في التراجع بسرعة مذهلة، فإن الفرق الأخرى للألعاب المختلفة قد عز عليها أن ترى صورة غير مكتملة بسبب سلبية فريق كرة القدم فالتفتت تلك الفرق حول هذا الفريق لتقومه وتغربله وتعيده إلى مسيرته السابقة الصحيحة وإن أهم ما جاء في قرارات إدارة الهلال - و هو في نظري قد تأخر قليلاً - هو قرار عزم النادي على الاعتماد على الناشئين وإيجاد مدرب متفرغ وإعطاؤه الصلاحية المطلقة فهذه النقطة يجدر بنا أن نقف عندها طويلاً ونصفق لإدارة الهلال التي لم تتردد في اتخاذ هذا القرار الذي سيلغي حكاية الأسماء ويجعل من صفوف الناشئين قاعدة يرتكز عليها بنيان الفريق لأن الذي كان يحصل قبل ذلك هو تجميد الخامات الجيدة واختفاؤها خلف أسماء اللاعبين الكبار الذين تتكرر مواقفهم السلبية ومع ذلك تظل الفرص معدومة أمام الناشئين وبالتالي لا يكون ثمة جدوى من انتمائهم للفريق لأنهم قلما يحلون مكان لاعب كبير رغم جدارتهم بذلك. وأما الآن فإن الأمل قد اقترب أكثر من ذي قبل نحو التحقيق.. وإنه أمل نلمحه في عزم الإدارة وتصميمها من خلال قراراتها على ضرورة فتح المجال بصورة أوسع للناشئين الذين لا يمكن لأي فريق أن يستغني عنهم، وكم كنت أتمنى لو أن كل لاعب يشعر أن مستواه أخذ في الهبوط يعلن اعتزاله بصورة مشرفة لا تمحو صورته من أذهان الجماهير بدلاً من أن تنتهي نهاية هو مرغم عليها ولا يرضى بها، وكم أرثي للاعب الذي يهدم ماضيه الرائع بنهاية سلبية تمحو كل حسناته وكان عليه بدلاً من ذلك أن ينتهي نهاية يرضى عنها تسجل اسمه في ذاكرة النادي إلى الأبد، وتأتي بعد ذلك حكاية المدرب وهو في نظري مشكلة المشاكل ولقد انتظر الجمهور الهلالي كثيراً لمدرب متفرغ يملك الصلاحية المطلقة ويكون الفريق هو مسؤولية وحده انتظرنا كثيراً لقرار من هذا النوع حتى لقد أنكر البعض حكاية وجود مدرب له مطلق الصلاحية في أي نادٍ وشكوا في كون أي إدارة تعطي لأي مدرب مثل هذه الصلاحية ولكن إدارة الهلال تقول مجيبةً عن مثل هذه الشكوك نعم سنأتي بالمدرب المتفرغ وسنعطيه مطلق الصلاحية وستنتهي حكاية عرض أسماء اللاعبين الذين يمثلون الفريق على كل مدرب جيد يكون مرغماً أو شبه مرغم على التمسك بهم والاعتماد عليهم والاهتمام بهم وحدهم وبقاء الناشئين لشيء واحد فقط هو تكملة العدد في التمرين.. فإذا كان هذا ما هدف إليه القرار الإداري فلنصفق له كأمل قوي نحو مسيرة قوية. إن الجمهور الهلالي وهو يرى أن انتظاره قد انتهى وأن آماله سوف تتحقق لن يتأخر في المساندة والمساهمة بعد أن أيقن بوجود الإدارة التي لا تتردد في اتخاذ القرارات الصارمة لصالح الهلال ولقد كانت القرارات صارمة فعلاً وقد تكون مفاجئة للبعض وغير متوقعة بالنسبة لهم ولكنها كانت شيئاً يلح بالظهور على شكل قرارات ترفض الاستهتار واللامبالاة والمصالح الشخصية التي على حساب المصلحة العامة، إنها قرارات بمثابة النهاية لكل العناصر غير المخلصة والعناصر التي تنتهز الفرص في سبيل مصلحة ذاتية، إنها النهاية لمشكلة المدرب والنهاية لعدم الاهتمام بالناشئين وإنها البداية الحقيقية ليعود الهلال قوياً كما كان وسنرى الهلال بعد فترة قد تطول وهو يمد فريقه الأول بمن يصقلهم المدرب من الناشئين الذين سيعطون النادي من إخلاصهم أكثر من عطاء أي لاعب آخر لم يكن شبلاً في الهلال. وبعد ذلك فإني أتخيل فريق الهلال في المستقبل قد تكوَّن من اللاعبين المدربين تدريباً سليماً وإضافة إلى التدريب فهم يملكون مهارات عالية، مخلصون لفريقهم متحلون بالعلم والخلق القويم فقد جمعوا بين العقل السليم والخلق والروح المخلصة والمعنويات العالية هؤلاء هم لاعبو المستقبل كما رسم لنا القرار الهلالي وكما يبدو لي من خلال القرار. وبعد فإن هذه القرارات أيضاً تأتي أيضاً كدرس لجميع اللاعبين ليضعوا نصب أعينهم أن مصلحة الهلال فوق كل مصلحة وأن كل من يحاول العكس سيتعرض للرفد. وهكذا سيكون هلال المستقبل إذا تحولت القرارات من الورق إلى ميدان التنفيذ وعندها ستكون القرارات بمثابة نقطة تحول في تاريخ الهلال.
يوسف القبلان
|
|
|
| |
|